الدراجة الهوائية كسرت الصورة النمطية ونشرت التعايش السلمي
شهد العراق خلال السنوات الماضية تذبذباً في توازن الحياة فيه، و عدم وضوح الصورة التي تعكس طبيعة العيش الحقيقية ، بل تكاد تكون الحياة فيه ذات طابع روتيني لايتغير.
ان هذا الروتين المستمر له تأثير سلبي يضاف الى باقي التأثيرات التي تسببت في تشتت وضياع الكثير من الشباب في المجتمع العراقي ، بل وتسببت في فقدان الشغف لدى البعض الآخر منهم نتيجة التراكمات التي احدثت فجوة في افكارهم، وايضاً في حدوث العديد من الأمور السلبية، اولها انهم فقدوا طاقتهم لمحاولة التجدد او الخروج من هذه البقعة السوداء، فما كان بأستطاعتهم ان يتقدموا خطوة واحدة إلى الأمام.
إن هذه الفئة من الشباب تحتاج إلى الإلتفات و تقديم الدعم النفسي و المعنوي لهم، لخلق جيل بإمكانه ان يحرك الأشياء الساكنة، لا ان يقف معها. فبدلاً من حشرهم في زاوية حادة و مطالبتهم بتقبل الواقع المرير ، علينا ان ندفعهم للتقدم نحو الباب المغلق، للخروج من هذه الحقيقة المزيفة التي تتنافى مع الطبيعة البشرية التي تلهم الإنسان ان لايستقر في المكان الخاطئ ، فطبيعتنا البشرية تأمرنا ان نتمرد على كل مايدفعنا الى العيش دون شغف او امل. تأمرنا بكسر هذه القيود حتى إن كانت صلبة، فإن إرادة الإنسان و إصراره اقوى من هذه القيود. لكن رغم كل مايحدث ، دائماً هناك ضوء يتوهج من فكرة في روؤسنا، يقودنا للوصول إلى الضوء في نهاية النفق.
هذا هو ضوء الفكرة التي تم صناعتها بعقول تدبر الأمل ولمع من خلالها فريق ( Bicdad – بايك داد ) الرياضي”.
ولِدت هذه الفكرة من رحم ازمة كورونا التي اجتاحت العراق قبل سنتين، واستطاعت ادارة الفريق من تهيئة الظروف المناسبة و ان تصنع الفارق في نفوس الآخرين، من خلال وضع أهمية لرياضة قيادة الدراجة بعد ان كانت هامشية، و أحدثت هذه الفكرة التأثير الفاعل والملموس لدى جميع من انضموا في هذا الفريق المتميز ، وأثبتت ان التغيير يبدأ بالتأثير و ليس فقط بمحاولة ذلك .حيث ألهمت الجميع لقيادة الدراجات الهوائية وخلق فكرة جديدة عن ماهيتها و اهميتها في حياتنا اليومية
نشا فريق Bicdad بعدد قليل لايتجاوز عدّ اصابع اليد ، لكن إصرارهم وتجوالهم في مدن بغداد بملابسهم ذات اللون البرتقالي ، قد شجع الكثير للخروج في جولات برفقتهم، فبدأت اعدادهم بالتزايد حتى تجاوز عددهم المئات ، من الجدير بالذكر ان العدد ما زال في تزايد مستمر، لأن شروط الإنضمام للفريق لايحتاج منك سوى أن تمتلك دراجتك الخاصة والشرط الآخر ان تكون غير طبيعي او كما يصفون أنفسهم بجملة ( المو طبيعيين) أي بمعنى آخر ان تتحدى نفسك و تمارس هذه الرياضة بإحترافية عالية و إحترام لهذه الألة الحديدية .
أصبح هذا الفريق هو اكبر فريق في الشرق الأوسط من حيث عدد أعضائه، وقد تمكنوا من تحريك دور الدراجة الذي كان يقتصر على ركوب الدراجة عند الحاجة فقط ، بل اصبحوا يجتمعون للخروج في جولات على دراجاتهم في صفوف منتظمة ومنظمة بجهود المشرفيين و الادارين و الساندين من اعضاء هذا الفريق و دعم خاص من جمعية الهلال الاحمر.
حقق هذا الفريق اهداف كثيرة منها انهم أستطاعوا ان يظهروا الصورة الجميلة المخفية خلف كل جميع الصور المشوهة عن هذا البلد، ونشر ثقافة التعايش السلمي ، وتمكين الشباب بالتنمية البشرية، و توعيتهم بأهمية و ثقافة العمل التطوعي، وتنشيط السياحة في بغداد و باقي المحافظات،
فبدأوا بالذهاب إلى رحلات كثيرة شملت جميع مدن بغداد وبعض مدن المحافظات مثل آثار بابل و إلى عگرگوف و العمارة ثم نواعير مدينة هيت و غابات الموصل و سلمان بك و صحراء الأنبار للوصول إلى مدينة الحبانية السياحية ، والكثير من الأماكن الأخرى التي قد نقشوا اسم Bicdad فيها والأماكن التي سينقش اسمهم عليها.
ان اهم الرسائل التي استطاع المسؤولين والمنضمين لهذا الفريق وأعضائه ايصالها من خلال جولاتهم، هي اننا نستطيع ما دمنا نريد، و ان العراق بلد آمن صالح للعيش وفق كل ما جرى فيه من احداث ماضية، و اخيراً و الأهم ان قيادة الدراجة الهوائية لاتقتصر على الذكور فقط ، بل ان دور المرأة في هذا الفريق لا يقل أهمية عن دور الرجل، لأن مجتمعنا قد وضع قيود لاتسمح للمرأة بركوب الدراجة الهوئية لأنها ستغير الصورة المعهودة عن المرأة، او ان ذلك قد يقلل من شأنها ، او يشوه أنوثتها، ذلك ما دفع الكثير من النساء بكافة اعمارهن و مستوياتهن التعليمية والوظيفية للإنضمام وقيادة الدراجة الهوائية في كافة الظروف الصعبة، وكسر هذه الصورة النمطية المتبعة و جعل دورها فعال بشكل ملحوظ، و بهذه الخطوة قد مَنحنَ الأمان للآخريات و دفعهن للمشاركة في جولات الفريق الطويلة التي تتجاوز 200 كم ذهاباً و أياباً
نبراس جمال