يستغل بعض المرشحين للانتخابات النيابية العراقية، المقررة في 12 أيار/ مايو المقبل، نقص الخدمات في المناطق الفقيرة، كدعاية انتخابية، ناهيك عن مغريات أخرى، قد تصل إلى شراء الأصوات.
النائب عن محافظة البصرة، محمد الطائي، قال لـ»القدس العربي»، قال إن «بعض المرشحين يحاولون كسب ود الناخب في المناطق الفقيرة من خلال تزفيت شوارع، و توزيع سلال غذائية».
وأضاف: «في محافظة البصرة التي تصدر ثلاثة ملايين ونصف المليون برميل نفط يومياً، يعيش 30% من سكانها تحت خط الفقر، أي بواقع دولار واحد يومياً (…) هؤلاء يمكن استغلالهم من قبل بعض المرشحين».
ودعا، المواطنين إلى «عدم بيع أصواتهم لأي شخص، لأنهم سيشتركون معه في الفساد، في هذه الحالية لا يمكن للمواطن أن يطالب مستقبلا بالخدمات، وينتقد الأداء الحكومي، بكونه باع صوته مقابل 50 – 100 دولار».
أما النائب المستقل، كاظم الصيادي، فقد وصف هؤلاء المرشحين والنواب والسياسيين، بأنهم «كانوا في فترة سبات وخرجوا للمواطنين في هذا الوقت».
وقال لـ»القدس العربي»، إن «الكتل السياسية سرقت الوطن والمواطن طول ثلاث سنوات وعشرة أشهر مضت، وفي الشهرين الأخيرين، بدأت هذه الكتل بممارسة الخديعة على المواطنين لغرض شراء الأصوات والذمم».
كذلك، أعتبر النائب عن «اتحاد القوى»، فارس الفارس لـ»القدس العربي»، إن «الكثير ممن يتواصلون مع الفقراء اليوم، هم سلبوا حقوق المواطنين وعملوا بالمال الفاسد خلال الفترة الماضية»، موضّحاً إن «هؤلاء سرقوا من المواطنين في مجال توفير الخدمات، التي كان من المفترض تقديمها طوال الفترة الماضية».
وحسب الفارس «لو تم توفير هذه الخدمات في تلك الفترة لما أحتاج المواطن المسؤول في هذا الظرف حتى يقدمها له كمنّة».
«اصطفاف طائفي»
في الموازاة، كشف قيادي في ائتلاف دولة القانون، بزعامة نائب رئيس الجمهورية، نوري المالكي، عن مخطط «سعودي ـ أمريكي» لخلق اصطفاف «طائفي» في المرحلة المقبلة، ودعم شخصيات سياسية سنّية طالما اشتهرت في مواقفها المعادية للعملية السياسية في الفترة الماضية.
وقال زيد الأسدي لـ«القدس العربي»، إن «مخطط خلق اصطفاف طائفي في العراق، يأتي بتوجيه أمريكي، وبدعم مالي سعودي»، مبيناً إن «القوى السياسية السنّية خسرت قواعدها الجماهيرية في محافظات نينوى، وصلاح الدين، والأنبار».
وطبقاً للمصدر، فإن الجمهور السنّي في تلك المناطق ينقسم إلى قسمين، الأول نازح ومهجّر، والجزء الآخر بقي في مناطقه وقاتل التنظيم- كما هو الحال في البغدادي وحديثة بالأنبار.
وتابع: «كلا القسمين، لا يؤمن بالقوى السنّية المتصدرة للمشهد السياسي الحالي، بكونهم لم يقفوا معه في أزمة النزوح، كما لم يدعموا العشائر المتصدية للإرهاب، بعكس الحكومة والقوى السياسية الشيعة التي أمّنت لهم السلاح، ونظمتهم رسمياً ضمن صفوف الحشد الشعبي، بعد أن كانوا يعرفون بالحشد العشائري».
وأقرّ أن السعودية لم تسمح بدعم «الحشد العشائري»- عبر القادة السياسيين السنّة، لمقاتلة التنظيم، عازياً السبب في ذلك إلى «تورط السعودية بدعم التنظيم مالياً وفكرياً ولوجستياً» آنذاك (2014-2017).
وواصل: «الجمهور السني بات أقرب إلى الحكومة والقوى السياسية الشيعيّة التي دعمته لتحرير أرضه، وشاركته في قتال التنظيم، وقدمت عدداً كبيراً من الشهداء والجرحى في سبيل تحقيق هذا الهدف».
وبعد الانتهاء من العمليات العسكرية، وإعلان العبادي تحرير جميع الأراضي العراقية من سيطرة التنظيم، ظهرت شخصيات سياسية سنّية جديدة، ممن كان لها دور في محاربة الإرهاب، خصوصاً في المناطق الغربية، طبقاً للأسدي، الذي أكد إن هذه الشخصيات «أقرب إلى التحالف مع القوى السياسية الشيعية المؤثرة، وليس للسنّة».
وعلى ما يبدو فإن السعودية أدركت خطر ذلك، وبدأت بالتوجه صوب دعم شخصيات سياسية، طالما اشتهرت بمواقفها المناهضة للعملية السياسية في العراق، طوال الفترة الماضية، على حدّ قول المصدر الذي أضاف: «قبل نحو ستة أشهر، حصلنا على تسريبات تفيد بعقد تلك الشخصيات السياسية (لم يسمها) لقاءات في تركيا، بتوجيه أمريكي وبدعم مالي سعودي، بُغية إيجاد اصطفاف طائفي، وإسناد قيادات سياسية سنية محددة، دون أخرى، لتكون قوة سياسية حليفة ومساوية للقوى الشيعية».
تزوير واستمالة الناخبين
ووفق الأسدي، فإن هناك جهات خارجية تسعى إلى التدخل في الملف العراقي، مبيناً إن ذلك التدخل «بدأ يزداد كلما اقتربنا من الانتخابات».
وأضاف: «الجهات السياسية التي تسعى لتزوير الانتخابات، هي ذاتها التي ترتبط بأجندات خارجية لها مصلحة في ذلك»، ورغم إشادته بإجراءات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في الحد من عمليات التزوير، أكد أهمية «متابعة المفوضية لهذا الملف بشكل مكثف».
وتابع: «الكشف الدقيق عن حالات التزوير يأتي في يوم الانتخابات، لكن توجد بوادر على ذلك، فضلاً عن المال السياسي والارتباطات خارجية»، موضّحاً إن عمليات التزوير تكون عبر طريقين، الأول، شراء الأصوات، فيما يكون الطريق الثاني عبر التحايل على الشعب».
ورأى إن أبرز الإجراءات التي تحدّ من عمليات التزوير المحتملة، «هي تفعيل المراقبين الدوليين، ومراقبي الكيانات السياسية في مراكز الاقتراع، فضلاً عن تواجد الإعلاميين ومنظمات المجتمع المدني».
إجراءات عقابية
الحديث عن عمليات التزوير المحتملة، دفع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، إلى إصدار بيان أوضحت فيه الإجراءات المتخذة بحق من يثبت تورطه بالتزوير.
وقالت إنها أصدّرت عدّة قرارات تأتي «بغية الحفاظ على سلامة ونزاهة الانتخابات، ولأن بطاقة الناخب هي من المرتكزات الأساسية وعنصر مهم في عملية التصويت للاستحقاقات الانتخابية، ولضمان وصول البطاقة إلى الناخب الحقيقي والمحافظة عليها واستخدامها بالشكل الأمثل من قبل صاحبها». ومن بين قرارات المفوضية، وفقا للبيان، «سحب المصادقة من أي مرشح أو حزب أو تحالف سياسي يثبت رسميا وبالأدلة القاطعة حصوله على بطاقات الناخبين بطريقة غير شرعية وملتوية، وسيتم إحالته إلى القضاء لاتخاذ الاجراءات القانونية بحقه». كما تضمنت أيضاً «معاقبة أي موظف من موظفي المفوضية ومن ضمنهم موظفو مراكز التسجيل ومراكز الاقتراع والمحطات بالفصل من وظيفته، في حال ثبوته رسميا تعاونه مع أي جهة كانت في الحصول على بطاقات الناخبين بصورة غير شرعية وقانونية، وإحالته إلى القضاء لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه».
وقررت المفوضية «إحالة الناخبين الذين يثبت تورطهم ببيع البطاقات الإلكترونية الانتخابية الخاصة بهم إلى القضاء العراقي، لغرض اتخاذ الاجراءات الكفيلة بمعاقبتهم قضائياً»، مضلاً عن «تسليم أي شخص يثبت حمله بطاقة الكترونية غير بطاقته الانتخابية الخاصة به في يوم الاقتراع إلى الجهات الامنية، لإحالته إلى القضاء لغرض اتخاذ الاجراءات القانونية بحقه».
وأشار البيان إلى أن «المفوضية ستعمل بكل قوة ووفق الأنظمة والاجراءات المتخذة من قبلها في المحافظة، على سير العملية الانتخابية، ومعاقبة المتلاعبين الذين يحاولون التشويش على إرادة الناخب النزيه وإرادة الشعب في اختيار ممثليه». وأكدت المفوضية، العمل «بكل حيادية ومهنية وهي تأمل من جميع شركائها الوقوف معها والمساهمة في انجاح الانتخابات البرلمانية المقبلة».
ضوابط
أما أمانة العاصمة بغداد، فقد نشرت ضوابط الدعاية الانتخابية التي أعدتها بالتنسيق مع مفوضية الانتخابات، وحذرت الكيانات السياسية من مخالفتها.
وقالت في بيان، إن «ضوابط تنظيم الحملات الإعلانية الخاصة بالانتخابات المزمع إجراؤها في أيار/ مايو المقبل، أشد صرامة؛ لمنع تشويه جمالية المدينة، وخاصة الأماكن التاريخية والتراثية، والدينية». وحسب البيان، فإن الأمانة منعت لصق الدعاية وصور المرشحين على الأبنية التاريخية والدينية، والجسور، والمجسرات، وواجهات المباني الحكومية، والمدارس، إضافة إلى المستشفيات. وحذرت، الأحزاب والكيانات السياسية من مخالفة الضوابط – التي أعدتها بالتعاون مع مفوضية الانتخابات – خلال الحملات الدعائية لمرشحي انتخابات مجلس النواب.
ونوهت إلى أنها ستصدر بيانات أسبوعية يبلّغ من خلالها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بالأشخاص والجهات والكيانات السياسية التي تخالف الضوابط باستعمالها الملصقات بصورة عشوائية وغير منظمة لتحميلهم كلف إزالتها. وبينت أن بإمكان المرشحين استعمال وسائل دعاية بديلة كلافتات القماش ولوحات الفليكس، التي يمكن إزالتها بسهولة، والإعلان في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة.
وأعربت عن أملها بأن تكون الأحزاب والكيانات السياسية المشاركة في الانتخابات على وعي عال بالمسؤولية وحرص شديد للمحافظة على جمالية مدينة بغداد.
في الأثناء، قررت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تأجيل الموعد المقرر لانطلاق الدعاية الانتخابية مدة أربعة أيام إضافية.
ومن المقرر أن تطلق الحملة الدعائية في 10 نيسان/ أبريل المقبل، قبل أن تقرر المفوضية تأجيلها إلى 14 من الشهر ذاته، لتزامن الموعد السابق مع مناسبة دينية.
المصدر: القدس العربي