نهر العراق الثالث محمد مهدي الجواهري
هو محمد مهدي بن عبد الحسين بن عبد علي الجواهري الملقب “بشاعر العرب الاكبر “، هو شاعرٌ و اديبٌ عراقي ، يعد من افضل شعراء العرب في العصر الحديث ، ولد في 26 من تموز عام 1899 في مدينة النجف الاشرف ، نشأ في بيت عامر بالشعراء و العلماء ، حيث اكتسبت الاسرة لقب الجواهري على اثر كتاب في الفقه الاسلامي كتبه احد اجداد الاسرة بعنوان “جواهر الكلام في شرح شرائع الاسلام”.
نشأته و دراسته :
ولد الشاعر في اسرة كان لها مجلسٌ عامرٌ بالادب و الادباء حالها كحال العديد من الاسر الكبيرة في مدينة النجف الاشرف ، يرتاده كبار الشخصيات الادبية و العلمية ، قرأ القران الكريم و هو في سن مبكر ، ثم ارسله والده الى مدرسين كبار ليعلموه الكتابة و القراءة ، فأخذ عن شيوخه النحو و الصرفة و البلاغة و الفقه و ما الى ذلك .
في النهار كان يخطط له والده و اخرون ان يحفظ في كل يوم خطبة من “نهج البلاغة ” و قصيدة من “ديوان المتنبي” و بعد ان ينتهي من حفظها يُسمح له بالخروج من البيت للعب مع اقرانه ، و في المساء يصاحبه والده الى مجالس الكبار .
ارتدى الجواهري العمامة و هو في العاشرة من عمره تلبية لرغبة ابيه في ان يكون عالمًا دينيًا ، لكنه كان متمردًا فغلب حُب الشعر على هيئة العالم بقولة “خُلقتُ شاعرًا”، اظهر ميلًا منذ الطفولة الى الادب فأخذ يقرأ في كتاب “البيان و التبيين” و مقدمة “ابن خلدون ” و “دواوين الشعر ” .
انتقل الجواهري الى بغداد عام 1927 فعين معلم في بعض المدراس الابتدائية ، و بعد ذلك عمل في البلاط الملكي في عهد الملك “فيصل الاول ” حتى عام 1930 ، و عين ايضًا نائبًا في مجلس النواب العراقي عام 1947 لكنه استقال منه بعد عام و ذلك بسبب معارضته لمعاهدة بورتسموث .
نشاطاته و مواقفه السياسية :
اشترك الجواهري في ثورة العشرين عام 1920 ضد السلطات البريطانية و هو مرتدي العمامة ، حيث بدأ الجواهري بنشر قصائده في بغداد منذ عام 1921 ، و في عام 1923 نشر كتيب عنوانه ” حلبة الادب ” يتضمن معارضاته لقصائد متنوعة لعدد من كبار الشعراء المعاصرين ، و في عام 1930 اصدر جريدة الفرات اول جريدة له .
في عام 1935 اصدر ديوانه بأسم “ديوان الجواهري” ، حيث اتهم الجواهري في نشر القصائد السياسية في جريدة الاصلاح ، فقام وزير الداخلية رشيد عالي الكيلاني بأحالة الجواهري الى المجلس العرفي العسكري ، الا ان رئيس الوزراء ياسين الهاشمي لم يوافق على ذلك .
و بعد ذلك وقع انقلاب بكر صدقي على حكومة ياسين الهاشمي و اسقطها فتسارع الجواهري الى تأييده و اصدر جريدة اسمها الانقلاب ايد على صفحاتها وزراة بكر صدقي و مدح رئيسها و هاجم حكومة ياسين الهاشمي ، لكن وزارة الانقلاب لم ترشح الجواهري نائبًا في الانتخابات ، بل انها استغلت بعض ما نشره في جريدته فتم احالته الى المحاكم و صدر الحكم عليه بالسجن لبضعة اشهر .
بعد انتقال العراق من الملكية إلى الجمهورية و حدوث انقلاب 14 تموز عام 1958 كان الجواهري من أشد المتحمسين لهذا الانتقال المهم والحساس، وأُطلق عليه في تلك الفترة لقب “شاعر الجُمهورية” ، وأول نقيب للصحفيين في تاريخ العراق ، لكن تأزمت علاقة الجواهري بالنظام السياسي مما اضطر لمغادرة العراق إلى لبنان في عام 1961، ومن هناك سافر إلى جمهورية التشيك بدعوة من اتحاد الأدباء، وقدم طلب للجوء السياسي.
وبعد انقلاب 8 شباط عام 1963 سحبت الحكومة العراقية الجنسية العراقية من الجواهري، لرفضه الانقلاب بقيادة عبد السلام عارف ، وعاد إلى العراق لاحقًا بعد انقلاب 17 تموز 1968م بدعوة من الحكومة العراقية وأعادت له الجنسية العراقية وقدمت له راتبًا تقاعديًا قَدره 150 دينار كل شهر، وفي أواخر عام 1980م غادر العراق ليستقر في دمشق .
من اشهر قصائده :
من اشهر قصائد الجواهري التي نالت اعجاب العديد من الناس و الى يومنا هذا يتغنى بها الشعب العراقي :
-(يا دجلة الخير)
حييت سفحكِ عن بعدٍ فحَييني
يا دجلة الخير يا ام البساتينِ
حييت سفحكِ ظمآنًا الوذ به
لوذ الحمائم بين الماءِ والطينِ
-(أمنتُ بالحسين )
فداءٌ لمثواكَ من مضجعِ تنورَ بالابلج الاروعِ
بأعبقَ من نفحاتِ الجنانِ روحًا و من مسكها أضوع
وفاته :
توفي فجر يوم الأحد 27 من تموز عام 1997 في إحدى مستشفيات العاصمة السورية دمشق ، وشُيع بحضور أركان الدولة السياسيين والعسكريين بالإضافة إلى حضور شعبي كبير، ودفن الجواهري في مقبرة الغرباء في منطقة السيدة زينب في دمشق إلى جانب قبر زوجته السيدة أمونة ، وعلى قبرهِ نحتت خارطة العراق مكتوب عليها «يرقد هنا بعيدًا عن دجلة الخير» .
لـ زهراء موسى