* صديقي حسين، ترددت كثيرا في محاولة تعريفك، فهل أنت تنويري إسلامي على شاكلة عدنان ابراهيم، ام انت لاعب على الحد الفاصل بين الإيمان والإلحاد، ام انت رجل دين يحاول نشر التسامح ام ماذا بالتحديد؟ حقيقة لا أعرف! ساعدني لكي أعرفك بالطريقة المناسبة.
• حقيقة لا اتفق جدا مع هذه المسميات لأنها عادة ما تكون قوالبا جاهزة تحددنا أكثر من اللازم، لكنك تستطيع القول: ان حسين هو طالب حوزة، ولديهه اهتمامات أخرى، ويحب أن يعطي انطباعاته الشخصية دائما عن الأشياء التي يراها تحدث في مجتمعه. لك ان تعتبر بعض هذه الأوصاف “تنويرا” او ضمن مشروع فكري (اذا گدرنا نسميه مشروع) وهو إبراز الجانب المتسامح من الدين الموجود فعلاً بالدين، وليس مجرد محاولة لتجميل الدين.
* كيف اتخذت هذا القرار (قرار ابراز الجانب المتسامح من الدين) ومتى بدأت به، ولماذا؟ بتعبير اخر ما الذي دفعك لتكريس نفسك لهذه الغاية؟
• منذ عام 2014 عندما قمت بإنشاء بروفايل شخصي، كنت اكتب فيه بإستمرار عن يومياتي، وبعد تزايد عدد الأصدقاء والمتابعين الأعزاء، قررت اتخاذ الموضوع بشكل جاد أكثر فأنشأت صفحة عامة على الفيسبوك وقناة في اليوتيوب، وبعد طلبات متكررة من الكثير من الناس بتصوير ڤيديوهات بدل الأكتفاء بالكتابة وحسب، خضعت لذلك الطلب وقمت بتصوير بعض الڤيديوهات وكان انتشارها جيدا، فتنامى لدي الدافع لأن أستمر وأجتهد لتقديم الأفضل، فثقة الناس وإهتمامهم لابد تقابل بتقديم جهد ومادة أفضل.. يعني باختصار: الناس وحاجتهم لهذه المواضيع هو الي مخليني أستمر..
* ماذا عن الدافع الفكري الأساس الذي افضى لإتخاذك لذلك القرار؟ أهو الازدياد المضطرد في التوجه الإلحادي للشباب ام ازدياد المد الديني المتطرف، ام ان سببا آخر دفعك للظهور ومحاولة نشر دعوتك التي تتبنى التعريف بالجانب الوسطي من الدين؟
• بغض النظر عن نقاش مفردة “الجانب الوسطي من الدين”.. انا كحسين، يهمني بشكل أساسي وأولي العيش (أنا وأخي الصغير، وأطفالي حين يكبرون) في المستقبل وسط مجتمع لا يتم فيه تهديد صاحب الرأي إذا قال كلاماً لا يعجب فرقة من الناس كما يحدث معي الآن.. أن نعيش في مجتمع يخلو من الكراهية لأسباب دينية، مجتمع لا يعتبر الاختلاف يستوجب التهديد والقتل، مجتمع يتعامل بالقانون ولا تدفعه عواطفه الدينية الزائفة لاستخدام العنف مع كل من يختلف معه في الرأي أو الطائفة.
هذا هدفي الأول، وليس يعنيني كثيراً (قبل تحقيق هذا الهدف الصعب جداً) أن يكون السني شيعي أو الشيعي سني أو الملحد مسلم أو العكس..
* كيف اذن تلخص الية الوصول الى ذلك الهدف (اقصد العيش في مجتمع لا يتعامل فيه الأفراد مع بعضهم على اسس الإعتقاد الشخصي)؟ هل يبدأ الأمر بمحاولة هدم المسلمات من الموروثات الدينية الخاطئة كما تحاول فعله الآن، ام البحث الجاد عن طريقة لابعاد الدين عن الدخول في المعترك السياسي الذي سيفضي نهاية الأمر لزج الدين بتفصيلات الحياة الإجتماعية وما ينتج عن ذلك من اشياء سيئة!؟
• في الحقيقة هذا الهدف لا يتم تحقيقه على يد فرد واحد، ولا جهة واحدة، بل ينبغي على الجميع من كل الفرق والمذاهب والأديان أن تسير نحوه، أنا كمؤمن بالاسلام أقوم بدوري من منطلقاتي الدينية التي تحث على التسامح.. وأرفض واناقش كل الاجتهادات التي تصبو الى غير ذلك.. لغيري منطلقات أخرى ربما دينية أو لا دينية، عليه أن يتعاون معي ومع غيري لخدمة هذا الهدف، وأن ينطلق هو من منطلقاته، وأن يحدث جماعته كما أحدث أنا جماعتي.. ففي الظروف الاجتماعية المشحونة بالطائفية والكراهية يكون نقد الذات من الاصلاح، بينما نقد الاخر من التحريض.. لذا على كل الاطراف أن تبدأ بذاتها، الشيعي لا يستقبل من السني نقداً كما يستقبل من الشيعي، وكذا السني، وكذا الملحد بشكل عام وغيرهم.
* الإلحاد ليس طرفا في صراع لأنه ليس قالبا جاهزا يمكن ان يفضي لاعتناق الافراد افكارا مشابهة ومحاولة فرضها على الغير، ولذلك، لا أعتقد ان من التوفيق ان نزج بالإلحاد الى داخل بوتقة واحدة تضم الايديلوجيات الدينية وسواها.. الا تعتقد؟
• كل العناوين قابلة لأن تتحول بفعل معتنقيها الى قوالب وأدوات لقمع الآخر حتى لو كانت هي لا تقر بذلك، لذلك قلت لك “على الملحد، السني، الشيعي، المسلم” ولم أقل: على الالحاد، على التسنن.. الخ. لأننا هنا نتحدث عن الوعي الذي يسكن أفراد المجتمع.
* لا يخفى اختلافك عن السائد من الفقهاء ورجالات الدين بانفتاحك على الآخر ومحاولة مسايرة العصر الحالي وعقلية اليوم، والقبول بالتلاقح الفكري مع المختلف ونقاشه بحرية ونزاهة. لم تصعب هذه المهمة، وتبدو مستحيلة احيانا، على اغلب رجال الدين من خلال تشخيصك؟
• ربما تستغرب اذا قلتُ لك أنني الى الآن لم أخالف الفقه الشيعي ولا بحرف واحد، ولا حتى عقائده أو مقررات أخلاقه.. نعم قد نختلف في القول والفعل مع مرجع ما أو مجموعة مراجع، ولكن هذا بالاعتماد على آراء لمراجع وفقاء آخرين.. العلماء والخطباء وعلى مر العصور هناك من يقدم منهم خطابا متسامحا يدعو لإحترام الآخر، وهناك من يفعل عكس ذلك.. كل ما أقوم أنا ومن هو مثلي به هو إبراز الجانب المتسامح، وتصعب هذه المهمة أحياناً لأن السياسة المحركة لآراء الجماهير تستفيد جداً من خطاب الكراهية والطائفية وتتربع عليه لشغل الناس بقتال بعضهم فينشغلون هم بسرقة الطرفين.. تقديم الخطاب المتسامح والمطالب بحرية الرأي والاعتقاد يهدد أمن الدكتاتوريات الفكرية والسياسية الذين يعتاشون على انقياد الناس خلفهم بحجة الدين والمذهب وحماية المذهب
* هل يمكن ان تكون القراءة الإنتقائية للأحكام الفقهية والاحداث التأريخية هي السبب في ذلك؟ اذا كان الامر نعم، الا يعتبر ذلك شذوذا عن الالية العلمية المتبعة في المؤسسة الدينية التي تنتمي اليها؟
• القراءة الانتقائية ليست من الأمور الخاطئة على الدوام، فبعض الاحيان يجوز المرجع لمقلديه ان يرجعوا الى علماء آخرين في فتاوى معينة، ولا ننسى أن الفقيه ذاته لم يأخذ ما يمكن أن يصطلح ب “بكج” فقهي كامل من السابقين، فهو يختلف معهم تارة ويوافقهم تارة أخرى تبعاً لما يراه صحيحاً.
*على ذات صلة.. كيف يمكن ان نقرأ التاريخ الإسلامي باكثر طريقة حيادية وموضوعية ممكنتين؟
• هناك مدارس مختلفة لدراسة التاريخ، قديمة وحديثة.. لكن إذا تحدثنا عن الموضوعية والحيادية وان كان من الصعب أن يتصف بها الانسان لأنه ابن رواسبه الفكرية في النتيجة، يمكن أن أقول لك أن أفضل ما يمكن أن نقرأ به الأحداث التاريخية بغض النظر عن اختلاف مدارسها هي الطريقة التي نحاول عدم الحكم المسبق فيها علي الأحداث أولا، وعدم تجريد الحدث التاريخي من عصره وارهاصاته ثانياً.. فلكل حدث تاريخي عصر خاص به ينبغي الالتفات إليه قبل الحكم علي هذا الحدث.
* يكفينا جدا (من الجد)، ولنحاول استفزازك بسؤال صريح لصديق لي يتابعك، ويقول فيه: وين اكو شيخ Gamer ؟
• هههههه اي آني أشتري الماوس من نوع Gaming. لأن أستخدمه للشغل وللعب، خاتم باتلفيلد وكول اوف ديوتي أكثر من مرة، ولاعب أونلاين هواية.. آني ما شفت شي يحرم اللعب وخاصة الڤيديو گيمز، سيما أن لها فوائد وتقوي اللغة الانگليزية.. طبعاً ما ننسى أن أهل البيت كانوا يخرجون أحياناً للتنزه، والڤيديو گيمز هم نزهة وهم قضاء وقت وهم أحياناً تفرغ الشحنات السلبية الي عندك بيها وهم بيها فايدة
* بمناسبة الفكاهة، ما هي اكثر انواع المعلقين والتعليقات اثارة للسخرية تلقيتها اثر موضوعاتك المنشورة؟
• حين اكتب مثلا 10 منشورات حول موضوع ويأتي احدهم ليسألني لماذا لا اكتب حول ذلك الموضوع!.. تخيل قبل أيام في پوست كتبته حول الاستفتاء (استفتاء كردستان) ومخاطره كتب لي أحدهم تعليقا نصه “شوكت تحچي عالاستفتاء”؟!
* اما هي اشنع واسوأ الاتهامات التي قذفت بها؟
• بصراحة لا يختلجني شعور “القرف” حول أحد من الإتهامات حتى أستطيع الإختيار بين ما هو شنيع بينها بالنسبة لي. وذلك لسببين: الأول قول الامام علي ع: ليس بعاقل من انزعج من قول الزور فيه. وثانياً: لأن هنالك فوضى في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الواقع الحقيقي المعاش، والناس تعيش حالة من الضبابية تجعلها أحياناً لا تفرق وترمي التُهم جزافاً ( وهذا ليس تبريراً لهم ).
لكن اذا ما اردنا ان نقارن فأسوأ “وأغبى” شيء تم اتهامي به هو كوني كنت في مخابرات صدام قبل الـ ٢٠٠٣، علماً أن مواليدي هي ١٩٩٣!
* رسالة لمن يقرأ حوارنا (كلمة اخيرة منك)
• جملة ددائماً ما أقولها لنفسي: خليك بارد تجاه معتقدات الآخرين، العصبية بالأفكار لا تفيد ولا تقدم شيئا ايجابيا، كذلك لا تعتنق فكرة وتدافع عنها قبل ان تقرأ عنها وتعرفها جيدا.