تأثير المقاهي على مستقبل الشباب (المراهقين) وغياب القانون الذي ينظمها
الأسباب والعوامل المؤدية الى لجوء الشباب المراهقين الى المقاهي :
١-البطالة :تعد مشكلة البطالة او العطالة عن العمل من بين اخطر المشكلات التي تواجه بلادنا، وكثيرا من بلدان العالم النامي وحتى المتقدم ، وتبرز خطورة هذه المشكلة في ان تزايد عدد العاطلين عن العمل يشكل هدرا للعنصر البشري ، مع ما ينجم عن ذلك من آثار سلبية في جوانب الحياة جميعها .
وتفاقم حالة البطالة بين الشباب على وجه الخصوص يؤدي الى نتائج اجتماعية خطيرة ، اذ باتت ظاهرة البطالة تشكل بيئة خصبة لنمو الانحراف والجريمة والتطرف واعمال العنف ، وتزايد اعداد الشباب الذين يقعون تحت خط الفقر ، الامر الذي يؤدي الى هدر لإنسانية الفرد وكرامته .
۲-رفاق السوء :من الأسباب التي تدفع الاحداث على الجنوح وارتكاب الأفعال السلوكية الاجرامية اختلاطهم وتجاربهم وتفاعلهم وانصهارهم مع رفاق السوء خصوصا رفاق المنطقة السكنية ورفاق المدرسة من المنحرفين والاشرار ، فالإحداث يتأثرون بسرعه بأصدقائهم ورفاقهم الذين لا يختلفون عنهم بمزايا العمر والثقافة والميول والاتجاهات والاذواق.
انهم يتأثرون بهؤلاء الرفاق اكثر مما يتأثرون بإبائهم وامهاتهم ومدرسيهم ، فعندما تكون الخصائل السلوكية والخلقية لأصدقائهم سيئة ومنحرفة فأنها سرعان ما تنتقل اليهم وتستحكم فيهم نتيجة للاختلاط والتفاعل بحيث يصبحون شاذين ومنحرفين في أفكارهم وممارساتهم اليومية.
وهنا لا تستطيع عوائلهم او أي مؤسسة أخرى في المجتمع اصلاح وتقويم اخلاقهم المنحرفة وممارساتهم السلوكية الخاطئة
٣-تفكك العائلة :ان عامل تفكك العائلة هو من العوامل الخطيرة والمسببة لوقوع جرائم الاحداث في المجتمع. وهناك أنماط مختلفة لتفكك العائلة كالطلاق والافتراق والهجر وتفسخ العلاقات الاسرية بفقدان احد الابوين او كلاهما بسبب السجن او الاعتقال او الموت أو المرض الخ حيث لا تتمكن العائلة كمؤسسة اجتماعية من رعاية اطفالها والسهر على مقابلة متطلباتهم الأساسية والدفاع عنهم ضد الاخطار الخارجية التي تهاجمهم، وتفكك العائلة لا يسمح لها بتنشئة اطفالها تنشئة جيدة وإيجابية حيث ان التنشئة الاجتماعية الجيدة تتكفل بها العوائل السوية والمتكاملة والصحية وليس العوائل المفككة والمبعثرة.
وعندما تكون العائلة مفككة ومضطربة وتعوزها ابسط الشروط والمقومات لتربية اطفالها تربية صالحة وقويمة فأن خصائل الانحراف والجريمة والرذيلة لابد ان تنمو بينهم وتؤثر على سلوكهم وعلاقاتهم الاجتماعية تأثيرا ضارا ومخربا .
٤- الفراغ وضياع الهوية : تعود أسباب ارتفاع نسب حوادث الانتحار والادمان على المخدرات والخمور والمرض العقلي والنفسي لدى الشباب ، إضافة الى انخفاض روحه المعنوية الى تزايد أوقات فراغه وضياع هويته ، الناجمين عن ضياع أدوار ووظائف الشباب في المجتمعات الحديثة بعد انتشار الاله ومظاهر الترف وتوفر أساليب التكنولوجيا المعاصرة ، وتغلبها على الأدوار الفردية في المجالات التي كانت تستوعب طفرة الطاقة الجسدية التي يتميز بها الشباب عن الأطفال والكبار ،حيث كانت ميادين العمل المختلفة والادوار والوظائف ومناهج السلوك في مجتمعات ما قبل الصناعة الحديثة ، وكان المجتمع بهيئاته يتحمل مسؤولية تنبيه الفرد بقدوم دوره في الانتقال الى مرحلة اجتماعية جديدة، مع توفر الحرية للفرد في اثبات خصوصيته وهويته في مجالات عديدة ملائمة للشباب كالحرف والزراعة ،والزواج المبكر والانجاب والمشاركة في هموم المجتمع وحروبه.
فلا يجد الشباب فراغا يعاني منه ، فيحقق ذاته ويكسب احترام وتقدير الآخرين خاصة بين افراد اسرته وكان كل ذلك كافيا ليمتنع عن استبدال الاسرة بشلة الرفاق مثلما يحدث اليوم بسبب الفراغ . كما اثبتت الدراسات والبحوث الى الاستغلال السيء لأوقات الفراغ ، ذلك لان هذه المؤثرات لا تخضع لحكم الاسرة فقط ، ولابد من ان تأتي نظم اجتماعية أخرى بالحلول الناجحة.
الأنشطة التي يمارسها الشباب (المراهقين) عند ارتيادهم المقهى :
١-التدخين( الاركيلة ): اثبتت التقارير الطبية الواردة عن معظم الدوائر الصحية المتخصصة في العالم وجود علاقة بين التدخين والعديد من الامراض التي تصيب الانسان، كأمراض القلب وسرطان الرئة والفم واللثة وغيرها من الامراض الخطيرة، وفي حقيقة الامر فأن الأسباب الكامنة وراء تعلق الكثير من المراهقين بهذه الظاهرة ليست واضحة تماما، غير ان هناك تأكيدا من الجميع على خطورة هذه الظاهرة.
يبدأ التدخين عادة في سن مبكرة تتراوح بين سن العاشرة والثانية عشر، وما ان يستمر الفرد في التدخين لعدة سنوات حتى يصبح النيكوتين جزءا من تركيب الدم عند المراهق، الامر الذي يجعل الإقلاع عن هذه العادة امرا في غاية الصعوبة. ويلعب رفاق السوء وضغط الاقران دورا مهما في دفع العديد من المراهقين الى التدخين رغبة منهم في الحصول على القبول الاجتماعي من اقرانهم، واعتقادا من البعض الآخر ان التدخين من سمات الراشدين.
٢- تعاطي الكحول :تعتبر الكحول من اكثر الآفات الاجتماعية انتشارا بين الشباب المراهقين حيث يشعرون أنها تمنحهم لحظات من المتعة، بالإضافة الى العديد من لحظات الحزن وعدم الارتياح.
في الدول العربية وغيرها من دول العالم الإسلامي فأن تعاطي الكحول يعتبر محرما من الناحية الدينية وغير مقبول اجتماعيا، ومع ذلك فهناك حاجة ماسة لاستمرار التوعية حول مخاطر استخدام الكحول من قبل المراهقين 3-تعاطي المخدرات تعد مشكلة المخدرات في الوقت الحاضر من أكبر المشكلات التي تعانيها دول العالم، وتسعى جاهدة لمحاربتها لما لها من اضرار جسيمة على النواحي الصحية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية. ولم تعد هذه المشكلة قاصرة على نوع واحد من المخدرات او بلد معين او طبقة محددة من المجتمع، بل شملت جميع الأنواع والطبقات، كما ظهرت مركبات عديدة جديدة لها تأثير واضح على الجهاز العصبي . ولا شك ان للأصدقاء والاصحاب دورا كبيرا في التأثير على اتجاه الفرد نحو تعاطي المخدرات، فلكي يبقى الشاب عضوا في الجماعة فيجب عليه ان يسايرهم في عاداتهم واتجاهاتهم من اجل ان يظل مقبولا بين الأصدقاء ولا يفقد الاتصال بهم.
آثار وأضرار المقاهي:
ا)اثر الكوفي شوب على اتجاهات الشباب الفكرية:
للمقاهي اثر على اتجاهات الشباب الفكرية من خلال اكسابهم جملة من المفاسد من أهمها :
١- المفاسد الدينية :غالبا ما ينتشر في تلك المقاهي كثير من الأمور المحرمة شرعا ، التي تضعف العقيدة لدى من يرتادها وتقطعه عن الصلة بربه ، فيرتكب المحرمات منذ دخوله الى ذلك المقهى وحتى لحظة خروجه .
٢- المفاسد الأمنية :لا يحظى على الكثير ما لانتشار تلك المقاهي من مظاهر سلبية تخل بالأمن وتنشر الفوضى والفساد في المجتمع ، فالشاب يضيع دراسته من اجل الذهاب الى تلك المقاهي ،ويقضي فيها الساعات الطوال التي تعود بالدمار على مستقبله وتحصيله ، فيصبح عالة على مجتمعه ووطنه . والكل يدرك ما لتسكع الشباب في تلك المقاهي وركونهم اليها دون البحث عن العمل حتى لو كان بسيطا في البداية من اثر خطير على أمن البلاد والعباد ،فبسبب هذه المقاهي تكثر السرقات وتنتهك الحرمات وتنتشر الرذيلة وتموت الفضيلة ويزداد الفساد في الأرض بشتى صوره .
٣-المفاسد الاسرية :للمقهى حضور آخر في الحياة الاجتماعية ،فالارتباط بالمقهى له تداعيات نفسية واجتماعية حين يتحول ذلك الارتباط الى نوع من الإدمان فيصبح مرتاد المقاهي غير قادر على ضبط ومنع تردده على المقهى ، مما يكون سببا في توتره وقلقه. وهذه العادة تدعم بعوامل اجتماعية ( لقاء الأصدقاء )، وعوامل لها دور في تشكل حالة ادمان مركب منها التدخين (النيكوتين) والقهوة (الكافيين) ،مما يخلق ارتباطا نفسيا متداخلا بين عادة الجلوس في المقهى ومواد تسبب في الإدمان بالإضافة الى الآثار النفسية والعضوية على المدمن ،حيث نجد لها آثارا أخرى لا تقل خطورة على الاسرة ، وخاصة بالنسبة الى الأزواج والاباء، فالارتباط المرضي بالمقهى تسبب في الغياب المخل عن الاسرة للاب والزوج مما تكون له انعكاسات تربوية سلبية على الأطفال وانعكاسات سلبية على العلاقات الزوجية. وذلك تسبب كثيرا من المشاكل الاسرية سواء في العلاقات الزوجية او تربية الأبناء يكون للمقهى فيها دور حاسم.
ب)اثر المقاهي في انتشار المخدرات :
يعزي مراقبون انتشار المخدرات الى التطور الهائل في وسائل الاتصال والانتقال الذي يسهل إدخالها لإفساد الشباب ، فقد رصدت الأبحاث زيادة في الاقبال على تعاطي المخدرات الكيميائية في المقاهي وتم القبض على العديد من حلات التلبس .
ج)اثر الكوفي شوب في انتشار الشائعات :
الشائعة كالنار تسري بسرعة فائقة اذا توافرت لها عوامل الانتشار، فهي تمتاز بالإيجاز والسهولة في التذكر وسهولة النقل والرواية وتزدهر في المجتمعات الضعيفة اكثر مما تنتشر في المجتمع المتماسك المثقف تبعا لطبقة الاستعداد النفسي ، وقد تسري أحيانا بمساعدة الاستجابات الفردية وقد تكون عوامل مواجهة الشائعة سببا في انتشارها ، وهي بشكل عام تنتشر عن طريق وسائل الاعلام المختلفة ، وقد تنتشر عن طريق الهمس بين الافراد او عن طريق الفكاهة والثرثرة ولعل أكثر أنواع الشائعات تقبلا تلك التي تنتشر عن طريق الفكاهة لأنها ترسخ في ذهن السامع ولا ينساها وقد تكون مصدرا لشائعات أخرى ، وهي وسيلة أخرى لتحطيم المعنويات اذ انها عادة تتدخل في السير الذاتية للقادة.
غياب القانون الذي ينظم عمل المقاهي
لو وجد القانون الفعال لما حصلت الانتكاسة للمجتمع، فلو كان هناك قانون فعال ينظم فتح المقاهي وعملها، مع تعليمات تلتزم بها، وفرق تفتيش تتابع ما يجري في هذه المقاهي، بالإضافة لفتح مكاتب استلام الشكاوي، لامكن تغيير الواقع، لكن بغياب كل هذا فلن تأتي إلا المصائب لمجتمعنا.
رغم إغلاق السلطات العراقية لعدد كبير من مقاهي بغداد بعد اكتشاف تصرفات مخالفة للقانون، شكاوى سكان العاصمة ما زالت بسبب تلك الأماكن التي تنتشر في كل الأحياء، ويؤكد سكان أن قرارات الغلق ليست مجدية، إذ يتم غلق المقهى فيفتح بدلا منه عدة مقاه بعدما تحولت إلى مراكز للعصابات.
فقامت امانة بغداد بحملات اغلاق عديدة لعدد من المقاهي لكن بصورة عشوائية وغير مدروسة ،فلا توجد احصاءات محددة حتى الان لعدد المقاهي غير المرخصة ، والتي تتم بها التعاطي و المتاجرة بالمخدرات بين المراهقين والشباب ، فبسبب اهمال الجهات المعنية تفاقمت المشكلة للحد الذي لا يمكن السيطرة عليه .
وبعض هذه المقاهي تستخدم للمتاجرة بالنساء او ما يعرف بأماكن (الدعارة) وهي محمية من قبل جهات متنفذة في الدولة ولا يمكن المساس بعد او اغلاقها نظراً لكونها احد مصادر الفساد الاداري في الدولة .
تقرير لـ م.م لمى كريم