مقالات

الانفصام السياسي يهدد عراق الغد !!


الكاتب مازن صاحب


يعد مرض الانفصام احد أنواع الأمراض النفسية المعروفة في علم النفس البشري المؤثر على السلوك الشخصي بما يمنح المصاب به خيلاء واسع متعدد الاطياف غير مسؤول عنه .
في علم النفس السياسي وهو من العلوم الحديثة التي وضعت تفسيرات من علم النفس السلوكي على تصرفات الدول في تعاملاتها الداخلية والخارجية لقياس تاثير ذلك على معايير الحكم الرشيد في تطبيق العقد الاجتماعي الدستوري النافذ بين المواطن والدولة وانعكاس ذلك على السياسة الخارجية للدولة .
محل هذا النقاش اليوم يتمثل في نوع الإلتزام بالعقد الاجتماعي الدستوري النافذ بين المواطن والدولة في الدستور العراقي لعام 2005 – على الرغم من وجود ملاحظات جوهرية عليه- وبين السياسة الخارجية للعراق لاسيما بعد إقرار ذات الاحزاب والقوى المتصدية اليوم للسلطة بما سبق وأن وافقت عليه في اجتماع لندن لاحزاب المعارضة العراقية حينها ونقل ذلك الاتفاق إلى متن الدستور العراقي النافذ .. فيما اصيبت بعض القوى السياسية المتصدية للسلطة بالانفصام السلوكي حينما تكرر الإعلان عن رفضها للوجود الأمريكي في عراق الغد !!
أي محاولة لتفكيك هذا الانفصام السياسي يتطلب تحليلا لمواقف متكررة تؤكد أن ماورد في هندسة العراق الجديد من قبل زلماي خليل زادة عام 2002 ما زال قائمة حكومة بعد حكومة لعل ابرزها يتجسد في علاقة اقليم كردستان بالحكومة الاتحادية .. حيث لم تستطيع أي حكومة بما فيها حكومة الدكتور العبادي التاثير كليا على ما ورد في ذلك الاتفاق وهو ما جعل حكومة الكاظمي تكرر ذات الانصياع الكامل لاحكامه وتقدم 400 مليار دينار كرواتب للاقليم فيما لم ولا اعتقد مستقبلا سيقدم الاقليم أي حقوق من تصديره نفط العراق ريعا للموازنة الدولة الاتحادية .. مقابل تكرار مفاسد المحاصصة في تشكيل جميع الحكومات من حكومة مجلس الحكم عام 2004 وحتى اليوم .
يضاف إلى ذلك أن أي نوع من المقاومة المسلحة أو السياسية لرفض الوجود الأمريكي تتطلب أن لا تكون ضمن حكومة محاصصة معروف أن الطرفين الكردي والسني بل وبعض الأطراف الشيعية مرحبة بهذا الوجود الأمريكي بما فيه العسكري .. الأمر الذي يتطلب أن لا ينغمس تيار المقاومة والممانعة الإسلامية الداعي لخروج الامريكان بلذة مفاسد المحاصصة والاكتفاء بمنهج المقاومة .. ولنا في النموذج اللبناني ميزة واقعية توضح حقيقة تاريخية بأن هذه الدولة بعد أن مرت بحرب اهلية ما زالت حتى الساعة تبحث عن هوية وطنية شاملة فيما يتنازعها ذات الانفصام السياسي .
ما اؤكد على الأهمية القصوى أن أي جهة سياسية مشاركة في مفاسد المحاصصة ليس من حقها الحديث العقائدي عن منهج المقاومة والممانعة ضد المشروع الأميركي في عراق دعته احزاب سلطة اليوم لاحتلاله من اجل القفز إلى مقاعد مجلس الحكم بقيادة بول برايمر !!
فقط يحق الحديث بهذا المنهج العقائدي لتلك القوى التي لم تغمس يدها باموال الفساد السياسي .. والتي قبضت على جمرة الممانعة والمقاومة من دون ان تصاب بذلك الانفصام السياسي .. وكل ما يطرح من خطب رنانة وتحليلات في برامج التوك شو التلفازية ليست اكثر من ترويح اجوف لتسويق مصالح هذه القوى التي وضعت يديها بيد قوات الاحتلال لتصل بغداد على ظهر الدبابة الأمريكية أو بعدها .. وهذا منهج لتجهيل الراي العام العراقي مطلوب من القوى المدنية كشف زيفه ولله في خلقه شؤون!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى