مازوخية بعض النساء العراقيات ونزعة العبودية المتجذرة
بقلم مهدي قاسم
مما أثار دهشتي واستغرابي هو أن المقالة التي كتبتها عن ظروف وملابسات انتحار ملاك حرقا ، ومن ثم قمت بإعادة نشرها على حسابي في الفيس قد أثارت أهتمام و تفاعل الرجال و تعاطفهم وغضبهم و إدانتهم أكثر مما أثارت تفاعل النساء أو أهتمامهم ، وهو أمر عجيب حقا ، قد يحتاج إلى دراسة سوسيولوجية و سيكولوجية معمّقة في إن واحد
تتناول هذا ا الموقف اللامبالي والتفرج السلبي ، كأنما ضربا من المازوخية المتجذرة في اللاوعي ، بل حتى قرأت منشورا لسيدة تبدي استغرابها من كثرة الاهتمام بهذه القضية التي ـــ ربما بالنسبة لها تعد تافهة ـــ معتبرة إياها مسألة ثانوية يجب أن لا تأخذ كل هذا الأهتمام الكبير والأصداء الواسعة !!
بينما — حسب اعتقادي –، هي قضية مهمة و حسّاسة و التي تهدد مستقبل كل فتاة و امراة عراقية بسبب العنف الاسري المتجذر و المتنامي يوما بعد يوم ، في حين أن للصمت و موقف اللامبالاة و عدم الاكتراث دورا كبيرا في تفشي الظلم و السلبيات على نطاق واسع و خطير
لذا فأنا أعتقد أن الكتابة ، و من قبل أي كان ، عن ظلم فادح ، لا يُطاق ، يُمارس بحق إنسانة إلى حد يدفعها إلى الانتحار تعادل مائة خاطرة ساذجة و سطحية تُسمى شعرا زورا! ..
و ربما قد نتفق على أن اختيار وسيلة الانتحار لمعالجة أزمتها و مشاكلها لم تكن مناسبة بقدر ما كانت سلبية في محصلتها النهائية ، إذ كان يتحتم عليها من حيث المبدأ أن تقاوم وتكافح من أجل تغيير وضعها نحو الأحسن ، ولكن هل كانت البيئة ” الذكورية المتواطئة ضدها أصلا تستطيع تحقيق ذلك ؟
فهل بيئتها الاجتماعية ذات النزعة العشائرية و الدينية المنافقة كانت ستسمح لها بالاعتراض والتغيير ، و ربما إنها حاولت مرارا ولكنها لم تجد أذانا صاغية لمحنتها بالتالي لم تجد طريقة أخرى للخلاص غير هذا الانتحار السلبي ، لأنه يوجد بعض الناس عندهم عزة النفس و الشعور بالكرامة الإنسانية فوق أي شيء آخر ، و يفضّلون الموت على أن يعيشوا أذلاء و مهانين
ومن ثم إن المسألة هنا لا تتعلق بظاهرة فردية وإنما هي ظاهرة جماعية أخذة بالزيادة يوما بعد يوم ، لذا فيجب على المجتمع ــ نساء و رجالا ــ أن يدين ليس وسيلة الانتحار إنما الأسباب المؤدية أو الدافعة إلى الانتحار ، وبالتالي القيام ب بضغط شعبي وإعلامي نحو تشريع قانون واضح يحمي حقوق وكرامة المرأة والطفولة و يدين العدواني المعتدي بعقوبة مشددة .