هل تعود الاحتجاجات بعد رفع حظر التجوال ؟
هشام الهاشمي
الاحتجاجات قد تعود لكن ليس وفق الصفات التي تأسست عليها، ربما كل محافظة من محافظات الوسط والجنوب العراقي تنتج احتجاجها بما يناسب منطقها وخبرتها التي اكتسبتها من تشرين الأول/ اكتوبر 2019 ولغاية آذار/ مارس 2020، ولن تكون هناك عشوائية.
من حكومة السيد عادل عبد المهدي تورطت بسبب إصرارها على التعالي وعدم التواضع لفهم ديناميات الاحتجاج وكانت تعتمد على القراءات الامنية لحركة الاحتجاج، ولم تراعي انها ظاهرة اجتماعية، وفي بعض اطرافها هناك وعي يسعى الى تحويل الاحتجاج الى “ثورة” حيث تعجز الحكومة عن مواجهتها.
احتجاج تشرين كحراك اجتماعي شعبي غير مخطط له وليس فعلا معصوما، فهناك عثرات واخطأ وهناك صواب وابداع.. وهي ردة فعل على فساد النظام السياسي، وكل احتجاج عشوائي سلمي غاضب يحتوي بطبيعته على منطق التحدي والصمود وقابلية التحول إلى اضطرابات وفوضى غير مسيطر عليها، تعرقل يوميات الناس.
هكذا نوع من الاحتجاجات وبسبب تعدد المشارب الثقافية للمنخرطين بها فأنها قد تفضي بعد استئنافها إلى إنتاج فاعلين سياسيين جدد قد يتجاوزن أوزان من بدأ الاحتجاج، بل ويقومون بعزلهم وتهميشهم، وهذا الذي يسمى في ادبيات الثورات ب” سرقة الثورة” وفي ادبيات ثورات الربيع العربي ” ركوب الموجة”.
كتب الباحثون الاجتماعيون عن احتجاجات تشرين حيث يرونها ظاهرة اجتماعية تحركها مطالب إقتصادية الفقر والبطالة، وهذه لا تكفي وحدها لتفسير شعارات الاحتجاج، ويستحيل تفسير شعارات هذه الاحتجاجات بمعزل عن تلك المطالب، ومن يقود الاحتجاج هي الوسمات الموحدة ” الهاشتاك” على التواصل الاجتماعي.
ارتبطت حركة الاحتجاج بردة الفعل الأمنية في التعامل معها، وقد اهمل قادة الامن العراقي ان هناك علاقة طردية، بين قمع الجماهير وقوة وانتشار وكثافة الاحتجاج، الاستنفار والتحشيد يزداد لتحدي عنف السلطة، والاستنفار يأتي بسبب قوة العلاقات العائلية والمناطقية والعشائرية والحراك الطلابي..
استئناف الاحتجاجات بعد انتهاء خطر انتشار فيروس كورونا، لا بد أن يأتي وفق تحول ديمقراطي ناتج عن تطوير وسائل الاحتجاج السلمي وكل منطقة او محافظة بحسب ظروفها وأسبابها، وعندئذ تفرز هذه الاحتجاجات قيادات اجتماعية وسياسية بإمكانها قيادة مسيرة إصلاح النظام السياسي سلميًا.
جائحة فيروس كورونا قد احدثت عملية اسعاف وإنعاش للحكومة وأعطتها فرصة الهدنة لتخفيض تصعيد ضغط الاحتجاجات، وعودة مشاهير اصحاب الحسابات الكبيرة على منصات التواصل الاجتماعي إلى تذكير متابعيهم وأنصارهم في الاحتجاج الشعبي بالصبر وضرورة الاستعداد للعودة بشكل أقوى بعد انتهاء الحظر.
هناك تراجع واضح لدور مشاهير منصات التواصل في قيادة الانصار والمتابعين، ذلك لقناعتهم بضرورة التزام نصائح المنظمات الطبية والصحية بفض التجمعات وواجب التباعد الاجتماعي، فأن الحفاظ على حياة المحتج أهم من أستئناف الاحتجاج، وهذه القيادات في أماكن عديدة فقدت قدرتها على ضبط انصارها.
بسبب تدهور أسعار النفط العراق قد يضطر الى قبول شروط البنك الدولي التقشفية، وهذا يعني لا وظائف جديدة،
وربما كل العقود المفسوخة التي أعيدت قد تتوقف مرة اخرى، وتعطيل المخصصات الإضافية الخاصة بالطوارئ وتجريد المناصب الخاصة من امتيازاتها المالية، والعودة الى خصخصة القطاع العام.
غضب الفصائل بعد حادث المطار وإصرارها مع البيت السياسي الشيعي على اخراج القوات الأجنبية، قد ينسي مطالب الاحتجاج السلمي.
وحكومة أزمة بهذه التحديات قد لا تستطيع إرضاء المحتجين بجميع مطالبهم وسوف تركز على انتخابات مبكرة وبقانون منصف ومحاكمة قتلة المتظاهرين وإطلاق سراح المعتقلين.