العنف الأسري النابع من الموروث الديني والعشائري
بقلم مهدي قاسم
يبدو أن المجتمع العراقي يحتاج دائما إلى جرائم و حشية و صارخة بحق المرأة العراقية لكي يهتز ضميريا ويصحو أخلاقيا وإنسانيا بين حين و آخر على فظاعة وضع المرأة العراقية المزرية ، والتي يتم التعامل معها بحكم الموروث الديني والعشائري والقبلي و كأنها اشبه بـ عبدة أو جارية ، فيمكن شراءها ــ ضمنيا ورمزيا ــ باسعار معينة ومن ثم التعامل معها على الكيف والمزاج ضربا و حتى قتلا ، فضلا عن جعل حياتها ضربا من الجحيم، وكأنما معانات الفقر والعوز و الحرمان ، و الدوس الدائم على كرامتها الإنسانية ، و جعلها أسيرة بيت ومطبخ وآله إنجاب متواصل ، كأنما كل هذه المعاناة والعذابات الجهنمية اليومية لا تكفي ليزيدوا عليها ضربا مبرحا و تعذيبيا منظما ، مع إيجاد وسائل قتل عديدة كخنق وحرق وشنق بحجة أنها انتحرت *! ..
ذلك لأن الرجل العربي خاصة و المسلم عامة ــ وهنا لا نقصد التعميم ــ ينظر إلى المرأة على أنها لا تعدو أن تكون أكثر من مجرد وسيلة متعة وإنجاب وطبخ وتنظيف ليس إلا ، ويجب عليها أن تبقى تؤدي هذه الأدوار المحددة لها فقط ، و أي تفكير في الخروج من هذا الإطار أو الدور المحدد بصرامة ، سيُنظر إليه على أساس أنه مساس سافر ووقح بالقيم الأخلاقية الدينية والعشائرية والقبلية ، أي تخطيا خطيرا للخط الأحمر الطويل المحدد والذي ستترتب عليه عقوبة شديدة وصارمة لتكون درسا و عبرة لغيرها أيضا ..
أما النفاق الاجتماعي من هذه الناحية فأنه يتجسد في التركيز على حب الأم عند العرب وبشكل بارز وملفت للأنظار تبجحا وتشدقا ، وكأنما هذه ” الأم ” قد نزلت من السماء كأم جاهزة مجهزة !! ، و ليست أنها نفس المرأة التي سبق لها أن ذُلت وأهُينت ودُيست في كرامتها الإنسانية مرار و تكرارا إلى أن أصبحت أما متقدمة في السن فاكتشوا في شخصها أما كاملة الاوصاف ورائعة الأطناب !!..
إذ وفقا لإحصائيات شبه رسمية فإن ثمة مئات من فتيات و كذلك نساء عراقيات متزوجات يقدمّن على الانتحار سنويا في عموم مناطق العراق ، طبعا من ضمنها مناطق الإقليم أيضا ، يقدمن على الانتحار كملجأ وحيد للخروج من وضعهّن الجهنمي واليائس و الذي لم يُعد ليُطاق ، وذلك عندما لا يجدّن مّن يساعدهن للخروج من هذا المأزق المسدود و الجحيم الأرضي أي : فلا المجتمع ولا الدولة ولا القانون ولا العيادات النفسانية فلا منظمات الدفاع عن حقوق المرأة يمكن أن يكون ملجأ آمنا، لكون المرأة في المجتمع الذكوري ــ العربي ـ الإسلامي ، تُعد هي المقصّرة المذنبة و الآثمة مسبقا و دوما ، طبعا ، لا لشيء فقط لكونها امرأة وانثى فحسب !..
يعني عورة وحرمة !! ..
بالمناسبة ليتجرأ العرب أو الإسلاميون في الغرب ليضربوا زوجاتهم سواء كَّن مسلمات أومسيحيات ، حتى ولو بصفعة واحدة ، ناهيك عن ضربهن ضربا مبرحا وجارحا بذات أدلة طبية جنائية ، إذ إنهم إذا فعلوا ذلك فسوف يجدون أنفسهم في الحبس لسنوات طويلة ، بحكم حذافير القانون المطبق على الجميع هناك و بشدة العقاب كذلك ..