مقالات

رقمنة التعليم في العراق (ايجابيات لا تُحصى)

د. حسن خليل حسن

جامعة البصرة

(( هذا المقال يمثل الجزء الثاني من سلسلة مقالات تهدف الى تحفيز الاهتمام بالتعلم عن بعد، فقد سبقه قبل ايام مقال بعنوان ((كورونا والتعلم عن بُعد – رب ضارةٍ نافعة)) تناول مدى امكانية التطبيق والصعوبات المتوقعة))

غزت الثورة الرقمية جميع ارجاء العالم ودخلت شبكات الانترنيت الى منازل العراقيين بلا استثناء، كما وصلت الاجهزة اللوحية والموبايلات لجميع الفئات العمرية، وعليه فمن الممكن اعتماد تقنية التعلم عن بعد (او التعليم بالانترنيت على الاقل) في جميع مؤسسات العراق التعليمية لما توفره من ايجابيات عملية في التطبيق وضغط النفقات العامة والشخصية، مع استدراك يتمثل باستثناء الدروس التطبيقية في المدارس والمختبرات العملية في الجامعات عند التطبيق، اذ من الممكن اعتماد التدريس عن بعد لكافة الدروس النظرية في جميع المراحل الجامعية والصفوف غير المنتهية في المدارس، وحصر دوام الطلبة في ايام محددة لتلقّي الدروس التطبيقية المتمثلة بمواد (الرياضيات –الفيزياء- الكيمياء- الاحياء- الحاسوب) كونها تحتاج الى عرض وشرح وخطوات تطبيقية قد لا تتوفر عن بُعد، ونؤكد على هذه التقنية بوجود ايجابيات كثيرة جداً اهمها:

1- ان تطبيق نظام التعلم عن بعد يرافقه سوف يخفّض من الاجور الدراسية للجامعات والمدارس الاهلية تبعاً لتقليل المواد الدراسية واقتصارها على الدروس العلمية الصرفة، كما انه سيقلص من اجور وسائط النقل الخاص على الطلبة ، وتوفر جميع اشكال الانفاق الفردي المتعلق بالمؤسسات التعليمية، اذ ان هنالك اكثر من 743.825 طالب وطالبة في الجامعات وما يقرب من 10.000.000 (عشرة ملايين) تلميذ وتلميذة وطالب وطالبة في المدارس ورياض الاطفال الحكومية والاهلية (بحسب آخر تحديث للجهاز المركزي للاحصاء في العراق) وأليك ان تتخيل حجم الحركة المرورية التي توفرها تقنية التعلم عن بعد في حال تقليص دوام تلك الاعداد المليونية.

2- ان نظام التعلم عن بعد اكثر فاعلية من بدائل مقترحة من قبل وزارة التربية مثل كتابة التقارير او اعتماد الاسئلة والاجوبة التي تسعى الى تطبيقها خلال العام الحالي لتلافي التأخير في تكملة المناهج الدراسية.

3- ان اقتصار الدوام على الصفوف المنتهية في المدارس وبعض الحصص المختبرية في الجامعات سوف يقلل من الزخم في اعداد التلاميذ والطلبة في الجامعات والمدارس الحكومية، ويرفع ضغط الاعداد الكبيرة في الصفوف الدراسية التي تفوق الطاقة الاستيعابية، حيث ستخلو قاعات كاملة وفق هذا الاجراء وهذا سيرفع من جودة التعليم.

4- تقليل الزخم على الشوارع والطرقات وتقليل الحركة وقت الذروة وما ينعكس عنها من توفير اجور نقل واستهلاك الوقود لوسائط النقل وبالتالي تقليل العوادم وتخفيض التلوث داخل المدن التي تسببها حركة وسائط النقل بأنواعها.

5- توفير استهلاك الطاقة الكهربائية من تبريد واضاءة داخل المؤسسات التعليمية، كما ان اعتماد طريقة التواصل عن بعد في الملتقيات العلمية كالمؤتمرات والندوات وورش العمل والاجتماعات يعمل على توفير مصروفات كبيرة يتم انفاقها في التحضير لتلك الملتقيات.

6- عند تطبيق التعلم عن بعد يصبح من الممكن التغلب على مشكلة الدوام الثلاثي وحل مشكلة عدم التوازن في بين اعداد التلاميذ والطلاب وعدد المدارس في بعض الاحياء السكنية، وقد اصبح ذلك سمة بعض المدارس في العراق.

7- اطالة وقت التعليم وامد التعلم للاستاذ والطالب في نفس الوقت ليشمل معظم ساعات النهار وجزء غير قليل من الليل وهو وقت واسع لتلقي التعليم وترسيخ المعلومة كما يمكن تدارس شمول 6 ايام للعمل وفق هذه الطريقة وربما اكثر بدلاً من 5 ايام.

8- تجاوز مشكلة التعطيل القسري للدوام الرسمي بسبب العُطل الوقائية الناتجة عن ضرر ارتفاع درجات الحرارة المتكررة والعطل المرتبطة ببعض الاحداث السياسية كالمظاهرات واعمال قطع الطرق، ومن الممكن لا قدّر الله ان تتكرر مشكلة الوباء الحالي(كورونا) مستقبلاً اذ يذهب بعض العلماء الى ان الوباء يجتاح العالم وفق موجات زمنية مختلفة، كما انه يجعل بالإمكان التواصل بين الاستاذ والطالب خلال العطل المرتبطة بالمناسبات الدينية.

9- تنشيط اكتساب مهارات الحاسوب وتطوير مهارات استخدام البرمجيات الحديثة لدى التلاميذ والطلبة وهي من سمات عصر العولمة، لما له من اهمية لشربحة المعلمين والمتعلمين على حد سواء، التي تأخر تداولها داخل الاوساط التعليمية، من اجل اللحاق بركب الامم الاخرى في مجال التعلم عن بعد الذي بدأت ارهاصاته في أوربا وأمريكا في أواخر السبعينيات (عن طريق المراسلة البريدية العادية).

10- تشجيع المهارات الفردية لدى الطلبة بعيداً عن اجواء الاكتظاظ في قاعة الصف التي قد تشتت انتباه واستيعاب بعض الطلبة خصوصاً في الاجواء غير المريحة وما يرافقه من التشتت الذهني الذي يسبب الانحراف عن الهدف، وفي هذا الصدد يشير المهتمين بفلسفة التعليم الى ان الابداع يحتاج الى اجواء هادئة وان الانسان المبدع یمیل الى العزلة احیاناً.

11- هذا النظام يعمل على تحريك تجارة الاجهزة الالكترونية في السوق العراقية ومن الممكن تشجيع الصناعات الالكترونية داخل العراق لإنتاج الالواح الذكية من شاشات وموبايلات وأجهزة تصوير ومنظومات الانترنت.

ومع كل ما ذكرناه فان هنالك ايجابيات لهذا النظام قد تظهر في وقتها، ولابد من الاشارة الى ان حجر الاساس في انجاح التعلم على بعد يقع على الجهات التنفيذية والطالب والاهالي بعد ادراكهم لأهمية النظام وجدواه الايجابية على الواقع التعليمي والاقتصادي والمادي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى