تحريك لا تحرير
فاتح عبد السلام
ما حصل في العراق في الساعات الأخيرة من تغييرات في مرمى البرلمان والحكومة، لا قيمة لها مطلقاً، ولا تزن جناح بعوضة في الموازين السياسية في البلد، ذلك انه لا توجد عملية تغيير في المنطلقات التي تقوم عليها العملية السياسية، بل انّ ما يجري يشبه ما يقال عن الفرق بين حرب «تحرير» وحرب» تحريك».هناك استشعار مبكر من مرحلة التغييرات الجارفة التي تتهدد المنطقة كلها في الشرق الأوسط، ولعلّ من مقدماتها الوضع في غزة وعودة الاستنفار الى الخليج العربي والبحر المتوسط.
وتناسقا مع الشعور بالخوف من الآتي الغامض في العراق، سيتم التعامل مع قرار تأجيل الانتخابات المحلية، اذ هناك صوتان متوافقان حول التأجيل ينطلقان من عمق الإطار و كردستان على حد سواء. لكن حسابات التغيير في العراق لا يمكن ان تكون عبر صناديق الاقتراع التي تضرب في جنباتها رياح الأموال السياسية والنفوذ الخارجي والمستقوين بالسلاح في الداخل، ذلك انّ نتائج الصندوق دائماً عبارة عن أغلفة ملونة لتفاهمات سياسية داخلية وخارجية لابد من صندوق لاحتوائها الحتمي. وان تاريخ العراق الحديث لايزال يسير بحسب الانفاس ذاتها في حدوث المنعطفات والتغييرات الكبرى، وهما عاملان لا ثالث لهما،
الأول: الانقلابات العسكرية بغض نظر خارجي معين والثاني: الحروب الكبرى.اذن، اين يقف العراق؟ وكيف ستمضي شهوره المقبلة؟يمكن القول انّ العراق يمر في المرحلة الأخيرة من حالة الانتظار، على جدول « دولي» كانت بنوده طويلة لكنها اختزلت في الشهور الاخيرة، وسوف تندرج امور ترتيب أوضاعه مع المستجد من المواقف من الحرب الأخيرة في غزة، والتعامل مع القوات والمصالح الامريكية في العراق وسوريا معاً.
كثير من الدوائر الدولية المعنية بالعراق» ولا أريد التفصيل هنا في الوقت الحالي» لم تعد مرتاحة للحالة الرمادية التي يمثلها المشهد السياسي العراقي، والذي يشهد نمو خطوط التناقض بين الرسمي وغير الرسمي، فيما ذهب “خبير” قريب من تلك الدوائر الى القول انّ المراهنة منذ أكثر من سنة على «نوع» الحكم الحالي اليوم بوصفه القادر على احتواء ما كانت متناقضة معه الحكومة السابقة، يكاد يصبح خياراً غير مجد مالم يستدرك حاله.