الذكاء الاصطناعي و العقول اللامعة
د.نزار محمود
منذ أن بدأ الحديث عن الذكاء الاصطناعي وعن تصورات إمكاناته وتداعيات تطبيقاته المحتملة في حياة الإنسان حتى بدأت تدب قشعريرة في نفوس الملايين من البشر وفي مقدمتهم العلماء والمختصين بذلك الفرع من العلم الإنساني.
هذه المخاوف خالطها الكثير من الخيال، تارة بحق وتارة دون سند.بدأ الإنسان يتحدث عن المدن الذكية والحرب الروبوتورية والخدمات الآلية وسيارات القيادة الذاتية وحتى الممارسات الجنسية!لم نعد بحاجة الى كثير من البشر، لا سيما من غير المبدعين والضعفاء والكسالى!
سنعوضهم بجيوش من الإنسان الآلي، لا يتمرضون كثيراً ولا يحتجون على أجور ولا يثيرون مشاكل سياسية ولا يشكلون اتحادات نقابية ولا ينظمون اضرابات عن العمل!الذكاء الاصطناعي وابداعات برامجه وتطبيقاتها قفزة بشرية هائلة. وددت كتابة قصة قصيرة، فقدم لي أحد البرامج خلال وقت قصير العشرات منها! لقد دار ذلك البرنامج ومسح بخوارزمياته مئات وآلاف القصص وبنى لي منها العشرات من القصص الجديدة.
واذا كان هذا أنموذجاً في الأدب فلبرامج الذكاء الاصطناعي صولات وجولات في جميع مجالات الحياة الأخرى من طبية ورياضية وفيزيائية وغيرها وغيرها
.انهم يعملون على استخدام ما تنضح به عقول لامعة ويستنسخونها في تطبيقات برامج الذكاء الاصطناعي، وبالتالي تتفوق في مخرجاتها على عمل كثير من عقول بشر آخرين. وهنا تقرع أجراس الخطر!ما عسانا نفعل نحن ذوي القدرات العقلية المحدودة، وماذا نقوى على فعله ازاء ذلك؟
هل سيتحتم علينا الحياة على هامشها لنقتات من فتات عقول الذكاء الاصطناعي؟ هل سنتحول الى شحاذين نقف على أبواب المبدعين في برامج الذكاء الاصطناعي؟
نحن نخشى أن لا يسمحوا لنا يوماً بانجاب أطفال لا يقوون على منافسة برامج الذكاء الاصطناعي!!ماذا لو اسرعنا في تأسيس اتحادات للعقول المتنحية، كما في حال صفات الجينات الوراثية، ونتهيأ لأيام نحسة؟ وهل سنحتاج في ذلك الى الذكاء الاصطناعي لكي يعطف علينا بحلول من أجل ذلك؟
انه نداء الى ملايين العرب أن يعيدوا النظر في جداول ما يقضون به أوقاتهم من اعمال لا تغني ولا تسمن من جوع، حتى ما نقضيه في لعب الطاولة والورق وتحشيش السياسة والغوص في خيالات الأدب ومتعه بحاجة الى اعادة نظر، وربما الى مساعدة تطبيقات ذكاء اصطناعي!