ميكافيلي.. بلا حلول عراقية
مازن صاحب
وضع الفقه السياسي خطوطا فاصلة بين الأفكار والعقائد وبين ادارة سلطة الحكم في الدولة .لهذا ما اعتمده مبدا الفيلسوف الإيطالي ميكافيلي في تعليم الأمير ان الغاية تبرر الوسيلة ..غير ما كان المعلم الاول ارسطو ينشره ببن قادة العسكر ..او ما كان الفارارابي يريد نشره ضمن زمانه .
وحتى اختلاف ابن رشد عن الجميع..لم يكن مقبولا من الاخر المختلف .هكذا وضعت الخطوط الفاصلة وانعكس ذلك كليا على تخطيط استراتيجية الاعلام في كيان اي دولة ..وانتقل ذلك الى الخطاب السياسي والاعلامي الحزبي ..فمثلا الحزب الجمهوري الأميركي يكرر ثوابت الحلم بالرفاهية للمواطن الأميركي مقابل ثوابت الحزب الديمقراطي الأميركي عن حقوق المواطنة الدستورية. في اي مقاربة بين فكر ميكافيلي والواقع العراقي اليوم لاسيما ونحن نقترب من عيد الصحافة الوطني ..يطرح السؤال لو كان ميكافيلي يمثل مراكز التفكير العراقية الداعمة لاحزاب نظام المحاصصة.. ما ابرز نصائحه السياسية والاعلامية ؟؟ الجواب متعدد الأطراف والاقطاب ..يمكن اختصاره في النقاط التالية:
اولا: لم يظهر في التطبيق الدستوري نموذج عراق واحد وطن الجميع واستبدل بدويلات.. لا سيادة لها بل لحالة اللادولة والخضوع لاحكام المال السياسي والسلاح المنفلت.. لذلك لم يظهر (الأمير الحاكم) بموجب عقد اجتماعي دستوري .. بل ( سلاطين مفاسد المحاصصة ) في احد ابشع تطبيق للديمقراطية فقط في تداول صعب للسلطة مع البقاء على هؤلاء السلاطبن يقودون عربة الحكم من وراء عربة السلطة.
ثانيا : الانعكاس السلبي المعترف به في فشل هذا النموذج لنظام المحاصصة حتى على مستوى قياداته في تصريحات صحفية موثقة ..لم يفكر اي مركز دراسات من النخب المنضوية في بيوتات سلاطين الحكم ابتكار اليات تحسين تطبيقات واقعية لادارة الاقتصاد لذلك يتكرر الفشل وابسط مثال على ذلك عدم ثبات سعر صرف الدولار .. وعدم حل معضلة توليد الكهرباء من موارد طاقة عراقية منها الغاز المنتج محليا .الفارق الوحيد ..ان الأمير الحاكم في زمن ميكافيلي..او ارسطو وحتى الفارارابي.. كان يصغي ويستوعب النصيحة.. لان هناك تحليل واضح لاصحاب المصلحة المجتمعية والاقتصادية والسياسية في تبادل المنفعة لحكم البلاد… ميكافيليوا اليوم يتعاملون مع تحليل اصحاب مصالح إقليمية ودولية باجندات حزبية متعارضة تجعل المصلحة الوطنية العراقية حالة اختلاف بل واحتراب طائفي وقومي .. وكل طرف من ميكافيليوا اليوم يهمس في اذن سلطان اللادولة افضل وسائل الاستفادة من المال العام وتحويله الى اموال خاصة وموارد الدولة لتمويل حالة اللادولة.. والامثلة كثيرة منها واقع العلاقة بين اقليم كردستان والحكومة الاتحادية.. والكثير من الجماعات المسلحة التي ترفع شعاراتها وصور قادتها خارج الالتزام الدستوري العراقي ..بما يجعل هؤلاء السلاطبن اذا ماظهر ( الأمير الحاكم) في حكم رشيد يتطابق مع الدستور العراقي النافذ… ما يمكن ان يكرر مجزرة القلعة في عصر المماليك !! هذا يجعل ميكافيليوا اليوم يحذرون من وجود سلطة حاكمة .. وافتعال كلما يشتت جهد اي طرف يسعى للافصاح عن وجود مثل هذه السلطة او العمل الجاد لإلغاء نظام المحاصصة والذهاب الى حكم رشيد يساوي بين المنفعة الشخصية للمواطن العراقي الناخب والمنفعة العامة للدولة في عراق واحد وطن الجميع. ثالثا : كل ذلك انعكس على الاعلام العراقي.. فالتحالفات السياسية لركوب قارب الانتخابات يجعل ميكافيليوا العصر يختصرون الاختلافات تحت نظام المحاصصة وثقافة المكونات الطائفية والقومية باعتباره الخلاص الوحيد لعراق الغد ..مما تكرر الفشل في دورات برلمانية متتالية … بعدها مباشرة تعود حالة اللادولة الى الظهور بقوة امام استحقاق انتخابي تغيب عنه الاغلبية الصامتة.. وتدوير ذات القيادات في كل دورة برلمانية على الرغم من الاعترافات تتوالى بالفشل لنموذج نظام المحاصصة!! المضحك المبكي ان ميكافيليوا السياسة في خطابهم الاعلامي باتوا ينقلون بندقية الكلمة من كتف لآخر.. عبر جحوش اليكترونية وقنوات فضائية ليس لها غير مكاسب الفساد السياسي والمجتمعي مما جعل الخطاب الاعلامي مجردا من اي مضمون غير ( من يدفع اكثر في زمن الانتخابات ) !! نعم هناك اكثر من ميكافيلي عراقي .. يحتاج المجتمع المهني لاسيما في بلاط الصحافة والاعلام ..ونحن نقترب من عيد الصحافة العراقية .. لان نقطة الارتكاز الاولى تبدا من هذا الفرز الصحيح .. من مع مفاسد المحاصصة ومن مع عراق واحد وطن الجميع …ويبقى من القول لله في خلقه شؤون !!