التخلف والذكاء.. الاصطناعيان
فاتح عبد السلام
قفزات الذكاء الاصطناعي السريعة مذهلة، وبات المرء يتوقع انّ كل ما يراه أو يستخدمه أو يتعامل معه هو صناعة ذكية ، تشبه طفرة وراثية عملاقة تتغير فيها المقاييس والابعاد والدلالات .العالم المتقدم الأقرب الى هذه التكنولوجيا الخارقة والذي استخدمها في صناعات دقيقة لمجالات مختلفة من الطب الى الجراحة والهندسة والتحقيقات الجنائية والصناعات الغذائية أو الثقيلة وسواها الكثير حتى الوصول الى نوعية المناهج الدراسية والامتحانات السنوية للطلبة.هناك دول ترى انّها غير مستعدة في بنائها وأنظمتها العامة لكي يكون الذكاء الاصطناعي هو قائد مسيرتها. ذلك انّ التقدم الحضاري قد يدفع المجتمعات الى خيارات صعبة، يتحوّل الانسان خلالها الى رقم وومضة واشارة، حتى لو كان عضواً في حكومة أو برلمان أو هيئة مالية أو صناعية أو شركة عملاقة، لاسيما انّ مجالات الذكاء الاصطناعي المتسارعة قد تبلغ بعد سنة واحدة ما كان العالم يظن انه سيصله بعد عشرين سنة، وتلك إشكالية كبيرة في التفاوت الزمني بين هذه النقلة العلمية المعرفية للتقانة الجديدة وبين مفاصل كثيرة متخلفة في المجتمع او عادية في أحسن الأحوال، لا تمتلك مقومات المواكبة والتقدم الى أمام بسرعة.ما حال الدول العربية اليوم وكيف ستكون صورة حياتها وانماط السلوك فيها، اذ من السهل جداً أن يكون الذكاء الاصطناعي سلاحاً بيد غير المعنيين ببناء المجتمع وانّما بهدمه فحسب.في دولة مثل العراق، بالكاد يفكرون الان بدمجها بالنظام المالي العالمي الاعتيادي الذي مضى عليه عقود طويلة، تكون الانتقالة نحو الذكاء الاصطناعي أمراً شبه مستحيل، إلا اذا جرى توظيفه في سياقات تكرس التخلف في استغلال الدين والشعائر والغرائز الطائفية والموروثات وعبادة بعض الشخصيات.