الراقصة والسياسي والطبال!!
مازن صاحب
منذ قراءة برديات معابد الفراعنة، ظهرت مهنة الدعارة وتعززت فيما ورد عن خيم صاحبات الرايات الحمراء، ثم جواري السلطنة بعناوين الخلافة متعددة الاشكال كانت العلاقة بين السياسي والطبالين من وعاظها مثل تلك الاعذار التي أسوأ من الأفعال في تراث شعر ابي نؤاس حتى متغير توبته في شعره الصوفي المتأخر، ومع تصاعد صخب الحديث عن المحتوى الهابط يبدو من الممكن طرح السؤال: كيف يمكن تحديد هذا المحتوى وما أسس القضاء عليه؟؟هناك نموذجين مهمين يمكن التعامل معها، الأول ما تذهب اليه الدول في المؤتمرات متعددة الأطراف التابعة لمنظومة الأمم المتحدة ومنها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ،حينما أصدرت ادلة عمل تنفيذية في جوانب تتعلق بقدرات الدول التقنية واليات ردم الفجوات التشريعية فيما بينها وصولا الى تطبيق احكام الاتفاقية مقارنة بأهداف التنمية المستدامة، وتم تطوير هذه الأدلة منذ سنوات في مؤتمرات بنما ومراكش وجنيف وصولا الى مؤتمر واشنطن الاخير الذي احكم اليات التزام الدول الموافقة على احكام هذه الاتفاقية في قانون وطني،كما هو حال العراق، على تطبيق هذه الأدلة تطبيقا يخضع لتقييم الامتثال، الامر الذي لم يستشعر به السياسي العراقي في نظام مفاسد المحاصصة حتى فوجئ الشعب العراقي ان هذه الاحكام قد أدت الى التلاعب بمقدرات الدولار والدينار حتى اذا ما سألت الى قيادي سياسي اليوم عن علاقة ذلك بالسوق العراقي لا يأتيك الجواب الصحيح فيما يستعجل طبالو مفاسد المحاصصة في برامجهم الفضائية للحديث عن تلك الحرب الناعمة التي تشنها قوى الاستكبار ممثلة في واشنطن ضد محور بعينه !! فيما واقع الحال ان العراق ممثل في جميع هذه الاجتماعات وعلى اطلاع شامل وكامل بكل مجريات النقاش والقرارات المتخذة وعلاقتها المتوقعة بالسوق العراقية!!النموذج الاخر لتحديد موقف الراي العام يتمثل في اليات استطلاعه وفق منهجية علمية، منها ما تقوم به الشركة المستقلة للأبحاث التي تصدر تقريرها عن بارومتر الراي العام العراقي سنويا، ومن ضمن ما أصدرته مؤخرا ،مقايس الراي العام العراقي عن 100 يوما من حكومة السيد السوادني حيث ذهب التقرير الى القول ((يتمتع السوداني بشهر عسل مع الجمهور العراقي حاليا بالمقارنة مع سلفية الاثنين ، السيد الكاظمي والسيد عبد المهدي فغالبية العراقيين “سعداء” باختياره كرئيس لمجلس الوزراء وهناك رضا وتقويم إيجابي لإداء السيد السواني لذلك حصل شخصيا وحكومته على درجة اعلى مما حصل عليه سلفيه في مجال الخدمات العامة وينظر اليه بكونها ناجحا في محاربة الفساد حتى الان )).وما زالت المؤسسات الحكومية والحزبية حتى اليوم لا تتعامل مع هذا النموذج من تقييم الأداء للسياسات العامة والبرامج الحكومية باعتماد استطلاع الراي العام لاستبانة اراء الجمهور.يتبادر السؤال، ما علاقة كلا النموذجين بما طرح في محور هذا العمود عن محاكمة أصحاب المحتوى الهابط؟؟ الإجابة بسيطة وواضحة وصريحة، ان تطور التقنيات وامتلاك الجمهور لثقافة الظهور الإعلامي من دون ضوابط انما يحتاج الى اصدار الجهات التشريعية والقضائية ادلة عمل تنفيذية وتقنية ،كما هو حال اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وغيرها من اتفاقيات حقوق الانسان والتنمية المستدامة واتفاقية التجارة العالمية ، من دون وجود مثل هذه الأدلة لتحديد الاطار المهني لإدانة أي محتوى رقمي بوصف ” الهابط” واخضاعه لعقوبة القانون النافذ ، يرتبط ذلك كليا بجميع ما ينشر لان كما هو حال التاريخ القديم ، فالحديث منه ، ما زال يتحدث عن علاقة السياسي بالطبال وعلاقة كليهما بالراقصة ، فالعهر والاباحية في المنتديات الليلية منتشرا في بغداد وغيرها من مدن العراق ، فما هو حال المحتوى الهابط فيها بذلك المحتوى العاهر الذي يظهر في ترويج الطائفية السياسية وثقافة الايغال في تمزيق هوية السلم الأهلي، لاسيما في مرحلة ما بعد الانتصار الكبير على عصابات داعش الاجرامية، اليس الاجدر بنا ان نفهم اليات تعامل الدول مع المظاهر الجديدة التي تؤشر المخاطر على ثقافة الأجيال في اصدار مثل هذه الأدلة التطبيقية، وهي مسؤولية متعددة الأطراف ،تتحملها جميع الرئاسات العراقية.اما النموذج الاخر، اجدد الدعوة لكل من يحاول فهم الراي العام واتجاهاته وتناقضاته وتشعب ذلك الى ترويج تمويل حكومي مستقل لكليات الاعلام من مختلف الجامعات العراقية لتأسيس المركز العراقي لقياس الراي العام وفقا لمعايير دولية معروفة أكاديميا، من دون ذلك يبقى لطبالو مفاسد المحاصصة ووعاظهم الكلمة الأقوى امام سياسيو مفاسد المحاصصة حين يوافق شن طبقه.. ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!