حكومة السوداني بين التوازن السياسي والمحاور
محمد حسن الساعدي
شهدت مرحلة تولي حكومة السيد السوداني، عقبات ومعرقلات كانت من أسباب بطئ الاجراءات التي تقوم بها، فحالة الخلاف ما زالت دائرة بين القوى السياسية.
بعض تلك القوى يقف عند إجراءات الحكومة، في معالجة السلبيات في إدارة الدولة، والبعض الآخر يذهب الى طريقة تعاطي السيد السوداني مع هذه الملفات، ولكن بالمقابل وقفت مشاكل جمة امام الحكومة، وتركة ثقيلة من الحكومة السابقة، فالغت الكثير من القرارات والاجتهادات الشخصية، التي قامت بها حكومة السيد الكاظمي، وتأخرت كثيراً في معالجة الكثير من الملفات السياسية والخدمية، إذ وبعد مرور مائة يوم على تشكيل الحكومة، لم تتم معالجة ملفات مهمة وعدت الحكومة بمعالجتها.
ملف وجود القوت الاميركية من الملفات المهمة والحساسة، والتي دعمتها حكومة السوداني حين عبرت عن موقفها المعلن لمهمة الولايات المتحدة، والذي يبدو للقارئ انه تحول مفاجئ من بغداد، الا انه في نفس الوقت يعكس تحركاً ثابتاً نحو واشنطن في السنوات الاخيرة،من جانب اخر فالقادة العسكريون انفسهم، قد أقروا بضرورة تواجد هذه القوات لأسباب تدريبية، لذلك هذا الملف هو من الملفات التي حسمت من قبل مجلس النواب العراقي، وان أي قرار يتخذ من الضروري ان يكون، من خلال نافذة مجلس النواب حصراً.
عمد السيد السوداني الى ان يكون نقطة توازن مهمة في العلاقات الخارجية، وتحديداً للعراق مع محيطة الاقليمي والدولي، ويكون نقطة اللقاء بين القوى الخارجية المختلفة على الارض العراقية، فكان يبتعد عن المحاور كي لا يقع في مستنقع التصارع السياسي الدائر بين هذه القوى الخارجية وتحديداً (واشنطن – طهران) والتي تسعى بكل ثقلها بالمنطقة من اجل أضعاف الطرف الآخر.
ما أثر على المنطقة عموماً وجعل واشنطن تعود الى وضع المدافع والمراقب، دخول الصراع الروسي الاوكراني على خط الازمة العالمية، واستشعار واشنطن بضرورة ان يكون هناك منفذ ثاني للطاقة في العالم، وان يكون مصدر هذه الطاقة هو العراق، لذلك بدأت واشنطن بالسماح لحلفائها بعقد الاتفاقات الاقتصادية مع بغداد ومنها (المانيا، فرنسا، وسنجد هناك اتفاقات اقتصادية مع آخرين).من الضروري جداً ان يسعى العراق الى تبني مبدأ التوازن في علاقاته، سواءً سياسياً أم أقتصادياً، وفق مبدأ وقانون “مصلحة العراق” وان تسعى حكومة السوداني الى الانفتاح السياسي والاقتصادي مع الجميع، وتحديداً الوضع الاقليمي، الذي ينتظر من العراق صفحة جديدة ومتميزة بالعلاقات، وتبادل المصالح وفي كافة الصعد.العامل الدولي مؤثر جداً على المشهد السياسي والاقتصادي على حد سواء، وبات يدخل في المتغيرات على الارض، لان الواقع الاقتصادي يرتبط أرتباطاً وثيقاً بالواقع السياسي، لذلك نجد أن القوى الغربية تتحكم بالمشهد الاقتصادي بالعالم، من خلال منظمات تراقب عمل وحركة الدولار في العالم، وتراقب عمليات التهريب التي تمارسها بعض الجهات، ومن ضمنها العراق، والتي أثرت عمليات التهريب الى دول الجوار على اقتصاده، وأثرت بالسلب على قيمة الدينار امام الدولار، ما ساهم فعلاً في صعوده وتأثيره السلبي على حياة المواطن وقوته اليومي.حكومة السيد السوداني مطالبة اليوم، بإيجاد السبل الكفيلة والمهمة، في معالجة التلكؤ في ملف العلاقات الخارجية بين العراق ووضعه الاقليمي والدولي، بالاضافة الى إيجاد آلية واضحة للملف الاقتصادي في البلاد، وربما نجد هناك حلولاً قريبة لهذا الملف، ولكنها لن تكون سريعة وآنية، لذلك من الطبيعي أمام المشاكل التي تقف عائقاً امام حكومة السيد السوداني ان تنتظر الحلول البطيئة، خصوصاً وأن التركة ثقيلة وكبيرة، ولا يمكن بأي مقاييس سياسية او حتى اقتصادية يمكن حلها بسرعة، لذلك أي إجراء تقوم به حكومة السوداني في معالجة هذا الملف، سيكون كفيلاً بالتغير الايجابي نحو اقتصاد حر ومستقر في العراق.