كم طيبة تصارع من أجل البقاء؟
علي البياتي
ليست الاولى ولن تكون الاخيرة من الاف النساء والفتيات اللاتي تواجهن هذا المصير، فإن كانت طيبة قد نجحت في ايصال صوتها للجهات الحكومية والرأي العام (بلا قدرة حقيقية لحمايتها) فغيرها تتعرض للعنف او حتى تقتل بصمت.مشكلة الفتيات والنساء في بلداننا بشكل عام انهن يعشن في صراع بين عالمهن الداخلي المتمثل بالطموح والحرية والبحث عن السعادة والعالم الخارجي المتمثل بالبيت والمجتمع، الذي لازال يحكمه العرف والعشيرة والتسلط الذكوري بعيدا عن الانفتاح والحرية التي يعيشها نفس الذكور. بلا شك ان متطلبات العالم الداخلي للمرأة حق طبيعي وفطري ولكن غير المبرر ان تواجه العالم كله بشخصها وهي تعلم انها ضعيفة امام مجتمع يحكمه ارث اجتماعي يسوده الكثير من مظاهر الجهل والتخلف، ومن غير المبرر ايضاً ان تكون هذه الحرية مفتوحة بلا قيود، فالبقاء في محيط ومجتمع يتطلب احترام لقيوده لحماية الفرد نفسه على الاقل. وما يجعل الموضوع اصعب عليها وكارثي احيانا هو غياب اي مؤسسة دولة او قانون تلجأ اليه المرأة لو واجهت الظلم من البيت او المجتمع، حيث ان هذه المؤسسات اما تحكمها ذات العقل الذكوري او غياب هموم المواطن كأولوية بشكل عام لديها، غير الامور المتعلقة بالفساد. ليس الشباب من الذكور مستثنون من ظلم المجتمع ايضا ولنفس الاسباب، ولكن الاثر الفعلي وردات الفعل هو أهون عليهم مما هو على المراة بكل تأكيد لأسباب اجتماعية ايضاً، ولكن قد يصل الموضوع ايضاً بسبب هذا الصراع بين الداخل والخارج الى حالات عنف او حتى قتل ضد بعض الشباب بحجة الاعراف او قيود المجتمع او قضايا العنف بداعي الشرف. ان اساس المشكلة على مستوى الدولة باعتبارها الراعية للنظام وحامية لحقوق الفرد هو الفوضى الذي تعيشه نتيجة التحول السريع من نظام سياسي متسلط يحكمه العسكر ونظام اخر (ازدواجي) منفتح كدستور وشعارات ولكن مقيد جداً من خلال اطر خارج نطاق الدولة يحمل تسميات مختلفة داخل العائلة او المجتمع او العناوين السياسية او الدينية التي تحاول ان تنصب نفسها مشرعاً ومنفذاً للقانون. ولا يمكن التغافل عن التحول في التواصل مع الخارج من خلال وسائل التواصل الاجتماعي و الانفتاح على مستوى تواصل الافراد مع عالم كبير فيه كم هائل من الثقافات المتنوعة، يواجهه ادوات تقليدية جداً وضعيفة تدار من قبل الدولة او المؤسسات الدينية او الاجتماعية، ما يعطي الكفة في التأثير للأول.