تسع درجات من عشرة..رسوب
فاتح عبد السلام
قراءة بسيطة في تاريخ العراق الحديث، توكد ان ظهور الاغتيالات والتصفيات لأسباب سياسية او سواها دليل قطعي على ضعف الحكم، وعدم اخذ منفذي الاغتيالات القانون الساري واجهزته في البلد على محمل الجد.
وفي العراق المشكلة في هذا المقطع العرضي من تاريخه انما هي مزدوجة لأنها مرتبطة بعوامل خارجية دولية. التجارب السابقة في التعامل مع احداث الاغتيالات لا تعطي انطباعا قويا على ان العقاب كبير وحتمي ولا تراجع عنه امام أي ضغوط كما ان مئات الاغتيالات جرى تقييدها ضد مجهول وتحت بند اضطرابات الحقبة السيئة للحكومات التي أعقبت احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة. الحكومة العراقية تدخل اول اختبار جدي لقدرتها على التعامل مع اغتيال مواطن امريكي من قبل منظمة أطلقت على نفسها سرايا أهل الكهف وهي تسمية مبتدعة للتمويه وخلط الأوراق بحسب خبراء أمنيين عراقيين، في حين ان بيان المنظمة بشأن سبيب اغتيال الأمريكي المدني يوكد الدوافع والصلات، اذ قالت المنظمة انها تنتقم لقيام إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بقتل الجنرال قاسم سليماني الذي رأت فيه واشنطن فيس حينها تهديدا لأمنها في العراق وسوريا وبقية المنطقة بحسب التصريحات الرسمية عن الإدارة الامريكية في حينها. هذا الاغتيال قد تتبعه عمليات أخرى تستهدف الأمريكيين من خارج المجال العسكري وهم صيد أسهل امام تنظيمات باتت تخترق الوضع العراقي بسهولة، وقادرة على ان تجعل العراق ساحة صراع وتصفيات ولا تعير لكلام الحكومة العراقية الحالية او السابقة أي اذن صاغية حين اعلنتا رفضهما تحولت البلاد الى مكان التصفيات الإقليمية والدولية. يدرك المراقب الموقف الذي لا تحسد عليه الحكومة العراقية وهي الادرى بخلفيات وصلات وميسارب وخيوط جميع الأشخاص والتنظيمات والارتباطات المارقة الخارجية او الداخلية التي تعمل على الساحة العراقية او تتخذ من واجهات معينة مكانا لخلايا النائمة، ذلك ان الخبرات الأمنية العراقية باتت على قدر كبير من الدقة والتخصص والمعرفة، وليس هناك شك في قدرة الأجهزة العراقية في كشف ملابسات هذا الاغتيال او سواه، لكن العيون ترقب القرار السياسي الذي سيتعامل مع نتائج التحقيق
. وهنا المهمة صعبة ودقيقة لأنّ الجهة المعنية بالاغتيال أمريكية، وليست عائلة عراقية يمكن اغراقها في بحر النسيان الحكومي كما جرت العادة، لذلك تمثل التحقيقات وإعلان نتائجها اختباراً أولياً لصدق الحكومة في تولي مسؤولية قراراتها في حماية البلاد من العبث أيّاً كان مصدره من دون تردد. هنا، درجة نجاح الحكومة في ملف الاغتيال يجب ان تكون عشرة على عشرة وان نيلها تسعة من عشرة يعني رسوبها .