مقالات

هل‭ ‬يعنى‭ ‬العالم‭ ‬بسيادتنا‭ ‬حقاً؟

فاتح عبدالسلام

اغلبية‭ ‬الكلمات‭ ‬التي‭ ‬يلقيها‭ ‬الزعماء‭ ‬ورؤساء‭ ‬الحكومات‭ ‬في‭ ‬الاجتماع‭ ‬السنوي‭ ‬للجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬لا‭ ‬يلتفت‭ ‬اليها‭ ‬أحد،‭ ‬ولا‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬المواقف‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬يتوقعها‭ ‬المتلقون‭. ‬لكن‭ ‬الفائدة‭ ‬الأساسية‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الاجتماعات‭ ‬الثنائية‭ ‬التي‭ ‬يتبادلها‭ ‬الحاضرون،‭ ‬في‭ ‬موسم‭ ‬دولي‭ ‬سنوي‭ ‬خاص‭ ‬يبقى‭ ‬محتفظاً‭ ‬بأهميته‭. ‬

وهذه‭ ‬اللقاءات‭ ‬تمهد‭ ‬احيانا‭ ‬الى‭ ‬زيارات‭ ‬اهم‭ ‬حين‭ ‬العودة‭ ‬من‭ ‬نيويورك‭. ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للعراق‭ ‬ان‭ ‬يجني‭ ‬حصيلة‭ ‬معتبرة‭ ‬منه‭ ‬الا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاعداد‭ ‬الجيد‭ ‬عبر‭ ‬البعثة‭ ‬الخاصة‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬الامم‭ ‬المتحدة‭ ‬ووزارة‭ ‬الخارجية،‭ ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬تنعقد‭ ‬دورة‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬بعدة‭ ‬أشهر،‭ ‬بحسب‭ ‬خطة‭ ‬للتحرك‭ ‬والتنسيق،‭ ‬لما‭ ‬يخدم‭ ‬البرنامج‭ ‬الذي‭ ‬يحمله‭ ‬رأس‭ ‬أي‭ ‬وفد‭ ‬عراقي‭ ‬الى‭ ‬تلك‭ ‬الاجتماعات،‭ ‬اذا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬برنامج‭ ‬أو‭ ‬رأس؟لقد‭ ‬ضيعت‭ ‬حكومات‭ ‬العراق‭ ‬السابقة‭ ‬خاصة،‭ ‬فرصا‭ ‬عظيمة‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬الدولي‭ ‬يوم‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ ‬الأولى‭ ‬محط‭ ‬انظار‭ ‬العالم،‭ ‬كونه‭ ‬البلد‭ ‬المنكوب‭ ‬بالحرب‭ ‬التي‭ ‬شنت‭ ‬عليه‭ ‬ولم‭ ‬يجن‭ ‬من‭ ‬فوائدها‭ ‬أي‭ ‬بناء‭ ‬او‭ ‬اعمار‭ ‬او‭ ‬ازدهار،‭ ‬كما‭ ‬وعد‭ ‬الكذّاب‭ ‬بوش‭ ‬الابن،‭ ‬ومتى‭ ‬كانت‭ ‬الفوائد‭ ‬تُجنى‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬الا‭ ‬في‭ ‬مخيلة‭ ‬مرتكبيها‭ ‬وتوابعهم‭ ‬من‭ ‬سقطِ‭ ‬المتاع‭ ‬السياسي؟‭ ‬ومرَّ‭ ‬العراق‭ ‬بلقطات‭ ‬كوميدية‭ ‬سيئة‭ ‬الإخراج‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬ممثلو‭ ‬حكوماته‭ ‬يلقون‭ ‬كلمات‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وهو‭ ‬محتل‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬أخرى،‭ ‬لكنها‭ ‬ليست‭ ‬لقطات‭ ‬أسوأ‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬ينخر‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬فساد‭ ‬وطائفية‭ ‬في‭ ‬العقليات‭ ‬السياسية‭

.‬‭ ‬كلمة‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدورة،‭ ‬توافرت‭ ‬على‭ ‬نقطة‭ ‬جوهرية‭ ‬تهم‭ ‬البلاد،‭ ‬هي‭ ‬الدعوة‭ ‬لرفض‭ ‬استخدام‭ ‬أراضي‭ ‬العراق‭ ‬واجوائه‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإقليمية‭ ‬او‭ ‬سواها‭ ‬بحجة‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬او‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬أمنها‭ ‬القومي،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬الدعوة‭ ‬لا‭ ‬تلغي‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬المرير‭ ‬الذي‭ ‬يتكرس‭ ‬فيه‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬اخر‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬العراقية‭ ‬الداخلية‭ ‬والتعدي‭ ‬على‭ ‬سيادة‭ ‬أراضيه‭ ‬بأشكال‭ ‬مختلفة‭. ‬انّ‭ ‬هذا‭ ‬المفصل‭ ‬الحيوي‭ ‬السيادي‭ ‬لا‭ ‬تكفيه‭ ‬إشارة‭ ‬عابرة‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬امام‭ ‬دول‭ ‬لا‭ ‬تصغي‭ ‬وأخرى‭ ‬غير‭ ‬معنية‭ ‬بهمومنا‭ ‬،‭ ‬وانما‭ ‬يتطلب‭ ‬فتح‭ ‬مفاوضات‭ ‬جدية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬قصف‭ ‬اهداف‭ ‬او‭ ‬التغلغل‭ ‬العسكري‭ ‬داخل‭ ‬العراق‭ ‬،‭ ‬وانّ‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الدائخ‭ ‬أمام‭ ‬مسؤولية‭ ‬تاريخية‭ ‬في‭ ‬تبني‭ ‬تشريعات‭ ‬ملزمة‭ ‬اكثر‭ ‬انتصارا‭ ‬لسيادة‭ ‬العراق‭ ‬،‭ ‬وإنْ‭ ‬اضطر‭ ‬عليه‭ ‬اللجوء‭ ‬الى‭ ‬تسمية‭ ‬الدول‭ ‬المعنية‭ ‬في‭ ‬التشريع‭ ‬خارج‭ ‬السياقات‭ ‬المعتادة‭ ‬،‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬حلا‭ ‬حقيقيا‭ ‬لهذه‭ ‬المعضلة‭ ‬،‭ ‬وانّ‭ ‬العراق‭ ‬سيبقى‭ ‬ارضاً‭ ‬مفتوحة‭ ‬وملعباً‭ ‬للاعبين‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الجوار،‭ ‬حكومات‭ ‬او‭ ‬منظمات‭ ‬او‭ ‬عصابات‭. ‬والسؤال‭ ‬هو‭: ‬كم‭ ‬اجتماعا‭ ‬عقده‭ ‬الوفد‭ ‬العراقي‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬نقطة‭ ‬السيادة‭ ‬واحترام‭ ‬حرمة‭ ‬أراضيه‭ ‬وشعبه؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى