مقالات

موت ملكة

حمزة مصطفى

حزن البريطانيون وكل دول الكومنولث و600 منظمة وجمعية خيرية لوفاة الملكة اليزابيث الثانية. لم يخفف حزنهم أن الملكة جلست على العرش 70 سنة. كما لم يخفف من حزنهم إنها ماتت عن 96 عاما. الحزن الذي عم بريطانيا ومن يتبع التاج البريطاني (دول الكومنولث) كان حقيقيا.

فالملكة لم تجثم على قلوب البريطانيين بقدر ماملكت قلوبهم. يضاف الى ذلك أن ماجرى للعائلة المالكة في بريطانيا خلال حقبة النصف القرن الماضي ربما يعادل ماجرى لها خلال قرون من هذا العرش الذي يعد الأطول في العالم بين الملكيات.

كل البريطانيين وكل أبناء دول الكومنولث الذين ولدوا منذ مئات السنين وجدوا أنفسهم رعايا أسرة ملكية يتوارث الحكم فيها ملك أو ملكة حسب تقاليد وراثة العرش.

لم يتمرد أحد ولم يقاطع أحد ولم يعلن الإنفصال أحد. بل العكس هو الصحيح حيث كانت الدول العائدة الى العرش البريطاني 18 دولة لكنها الآن وبعد زيادات طوعية أصبحت 33 دولة.

الملكة الراحلة كانت شاهدا على عصر تحولات كبرى منذ 70 عاما أهمها تراجع أمبراطوريتها ونفوذها لاسيما بعد الحرب العالمية الثانية حيث تقاسم العالم القطبان الأميركي والسوفياتي أثناء حقبة الحرب الباردة حتى نهايتها أو نهاية التاريخ “على كولة فوكاياما” أوائل تسعينيات القرن الماضي. لقد ترافقت تلك

التحولات مع مابات يسمى عصر التحرر من الإستعمار الغربي والذي كان البريطاني في مقدمته حيث الإمبراطورية التي غابت عن أرضها الشمس.

نحن في الشرق لم تكن ذكرياتنا مع الإستعمار البريطاني حسنة حيث قامت العديد من الثورات والإنقلابات بعضها حقيقية وقسم منها “على حس الطبل” لكن مع ذلك سعى البريطانيون بعكس الأميركان الى إقامة دولة عراقية ملكية دستورية مثل دولتهم ومملكتهم.

لكننا “دفرنا” نصف النعمة على الأقل بأيدينا لنبدا سلسلة من الأنظمة “الفاكسة” أخرها نظام بول بريمر الذي لاتزال أوامره تحكمنا حتى الآن بمن في ذلك إضافة العدس الى الحصة التموينية.

ماتت الملكة وقتلت قبلها بأكثر من عقدين الأميرة ديانا. تمرد الإبن وريث العرش تشارلز الذي صار الثالث مع كاميلا التي هي من عامة الناس. الدم الملكي لم يجر في عروق كل “الكنات” بدء من الراحلة ديانا الى ميغان.

الأمر يختلف مع الملكة التي فضلا عن كونها جمعت مجد وراثة العرش عن أسرة البوربون, فإن هناك من سعى الى إثبات أصلها الى ال البيت عن طريق أجدادها الأسبان.

يصعب القطع لكن أن تفطو سحابة تشبه الملكة فوق بلدة أنكليزية كما تقول صحيفة ديلي ميل بعد وفاتها يجعل من الفارق بين الحقيقي والأسطوري .. أربعة اصابع .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى