مخاطر النهايات المفتوحة
فاتح عبدالسلام
هل يمتلك السياسيون تصوراً كاملاً عن كيفية انهاء هذه الازمة المتفاقمة في البلد المشلول من نواح لا تعد ولا تحصى؟مثل الحروب، هناك رصاصة أولى قد تنطلق من طرف ما وتشعل الحريق، لكن هل بالضرورة ان يكون مطلقها حاملا خطة انهاء الحرب؟ هل بتنا في العراق، نواجه حالة النهايات المجهولة وليست المفتوحة فقط؟
الجديد في المشهد العراقي، هو ضمور واضح ومتعمد لأصوات اللاعبين الدوليين والاقليميين، وترك الساحة أمام الفريقين المتخاصمين في انتظار نتيجة معينة، يقولون انها عودة التفاوض من جديد، ويقولون ايضاً انّ المؤشرات توحي بإنضاج مقترحات جوهرية في التغيير على نار هادئة بالرغم من الهبّات الساخنة التي تعتري جانباً من الشارع .الازمة الحالية، لم ترتق حتى اللحظة الى مستوى إيجاد البديل الناجع في حالة جرى التوافق على اجراء انتخابات مبكرة جديدة. هذه بحد ذاتها اشكالية جديدة، يطلب العراقيون حلّها، لأنهم غير مقتنعين بإعادة مسارات انتخابية تحت سقف العملية السياسية وقوانينها الجارية، كما انّ المؤشرات والمبادرات والاتصالات المتداولة تؤكد انّ كل ما يجري هو سائر في نفس القنوات المتعفنة السابقة، لذلك تبدو طروحات كثيرة غير مقنعة من اجل التغيير، لأنّ هناك قوى تستطيع اللعب على وتر الزمن وتسهم في مد عمر الشلل العام في البلاد، فيتحول شعار التغيير الى شعار للتعطيل، وهنا مقتل آخر للبلاد المفجوعة.
من غير المجدي، التمسك بالشعارات العامة، لأنّ الشارع من مستويات وعي متفاوتة جدا، بين رفعة نخبوية وانحدار مروع في التكوين، وكل مستوى له تعاط خاص به، وهذا يقود الى كارثة الفوضى.
أما اذا كانت هناك شعارات متخصصة، فهي أهداف دقيقة لابد من التفاوض بشأنها، وعدم ترك الأمور سائبة، ما دام ان ما يجري ليس له خيار سوى السلمية. ليس هناك احد، ولو بعد قرن، في هذه الطبقة السياسية الغارقة بملذات الفساد يقبل ان ينسحب طوعا من المشهد ويعترف بانتهاكاته تحت تأثير ضغوط النهج السلمي العادي والمعلن، والبديل الوحيد المتاح هو التفاوض مع أصحاب القرار في الداخل والخارج، مادامت الأمور اليوم تحت السيطرة.