ثقافة السلم المجتمعي وعلاقتها بالخطاب الإعلامي
ثقافة السلم المجتمعي وعلاقتها بالخطاب الإعلامي – نبراس المعموري
يعد السلم الاجتماعي من ضروريات الحياة منذ بدء الخليقة إلى اليوم الحالي لما له من دور في تحقيق الاستقرار والأمن للمجتمعات وبناء الانسان، وإذا ما فقد السلم في أي مجتمع فسيترتب عليه انتشار النزاع وعدم الاستقرار وغياب البيئة الضمانة لتنشئة اجتماعية ناجعة .
ان ثقافة السلم المجتمعي تحتاج إلى تعليم وتوعية وتمكين وترسيخ لاركانها من قبل مؤسسات الدولة كافة وفق ادوات وآليات تستهدف السلام الداخلي مع النفس لغرض تحقيق السلم المجتمعي العام، ويعد الاعلام احد تلك المؤسسات المهمة التي يقع على عاتقه الدور الاكبر لما يمتلكه من ادوات وادوار مجتمعية و تثقيفية تمكنه من الاضطلاع بدور مؤثر في المجتمع ؛فهناك علاقة سببية بين التعرض لوسائل الاعلام والسلوك الانساني، لكن اثار هذه الوسائل عديدة ومختلفة الشدة، قد تكون قصيرة الامد او طويلة الامد، ظاهرة او مستترة، قوية او ضعيفة، خاصة مع انتشار الاعلام الرقمي .
ويقاس اثر ودور الاعلام بحجم الحرية الممنوحة له ومدى احترام تلك الحرية، وهذه الحالة ليست مسألة جزئية بل شمولية متعلقة بمدى توافر البيئة السياسية أو القانونية الفعلية لممارسة تلك الحرية ، وكذلك مدى مهنية تلك المؤسسة الاعلامية واستيعابها لأمور المجتمع وحقائقه.تحول ديمقراطيوفي الأغلب الأعم يوجد في مجتمعاتنا إعلاماً متجاهلاً لحقوق المواطنين، لا يلتفت إلى القضايا الاجتماعية الطارئة منها والخفية ، بسبب سياسة تلك المؤسسات الاعلامية وتوجهاتها وعدم اكتراثها للدور الذي يجب ان تطلع به ؛ بالرغم من تمتعها بفسحة جيدة من الحرية كفلت قانونيا واجرائيا خاصة في الدول التي تتحول ديمقراطياً.ان دور الاعلام في زيادة الوعي الاجتماعي بما يترتب عن العنف والصراع بين الأفراد، و تعبئة الرأي العام بصدد تجنب السلوكيات التي تؤدي إلى العنف و زعزعة الامن، واحدة من اهم من النقاط التي تُساعد في تحقيق السلم المجتمعي، كما ان الدعوة إلى المساواة في حقوق الإنسان والحوار التفاعلي البناء مع الآخرين الذين لديهم خلفيات متنوعة ووجهات نظر مختلفة ؛ سيؤدي إلى زيادة معرفة الأفراد بمشاكل المجتمع وكيفية التعامل معها من خلال العمل المشترك النابع من الانتماء للبلد والمساهمة في تعزيز استقراره وبناءه بعيدا عن المزايدات السياسية، وهذا يتطلب بناء منظومة اجتماعية متماسكة في ظل بيئة اعلامية واعية بهموم المواطنين قادرة على التفاعل معها بعيداً عن أي مؤثرات او تدخلات من شأنها أن تزيد من تلك الأعراض فتتحول إلى أمراضٍ اجتماعية يصعب علاجها وهذا في الاغلب مرهون بمدى استقلالية المؤسسة الاعلامية .
ان ما ذكرناه يؤكد على اهمية خطاب الـ (اعلا ثقافي)، اذ جاز التعبير.. خطاب قادر على تأمين انتقال الرموز والاشارات والكلمات، الى المجتمع وبما يحقق على نحو مشترك، وظائف الاشراف والرقابة على البيئة او المحيط ، وكيفية استجابة المجتمع لذلك المحيط النوعي، ونقل التراكم المعرفي والتراث الاجتماعي من جيل الى جيل.. بمعنى ان يكون هذا الخطاب عابرا للآنية (الظرفية) وملزما بتأسيس قواعد غالبا ما يتهم الاعلام والثقافة معا اما بتهديدها او عدم تشييدها بشكل صحيح.ختاما.. نحن بأمس الحاجة الى خطاب اعلامي تكاملي ينأى عن فوضى الخطابات المتصارعة وغير المكتملة والملتبسة.. خطاب اعلامي يساعد في تشكيل واقع اجتماعي يعزز الهوية الوطنية والسلم المجتمعي بعيدا عن التوجهات الفئوية والمصالح السياسية الفرعية وما يترتب عنها من تجاذبات وتنافرات تخل بأمن وسلامة واستقرار المجتمعات.