مجلس الامن الدولي والاعتداءات التركية على شمال العراق
التدخلات الدولية:
لقد شهد العالم في السنوات الاخيرة تزايد ملحوظ في عدد التدخلات الدولية تحت ما يسمى بالتدخل الانساني ‘ والذي أصبح يثير اشكالات عديدة كونه يتناقض مع مبدأ عدم التدخل الذي قامت عليه قواعد السيادة في النظام الدولي فهو يرفض السيادة المطلقة .
ومن ثم فهو يمس بأحد أهم اركان النظام الدولي وخاصة مع تفاقم ازمات الدول الداخلية والخارجية والتي تشكل الحروب احد معالمها السلبية لذلك اصبحت قضايا حقوق الانسان تحتل مرتبة متقدمة على جدول اعمال مجلس الامن ونتيجة المتغيرات الدولية اعطى له الحق في التدخل لأغراض انسانية والمبادرة الى المساعدة لكل مّـن تعرضت حقوقه الانسانية الى الانتهاك والقمع والتعدي بصورة مباشرة او غير مباشرة .
الهدف مّـن تدخل مجلس الامن الدولي:
وقف الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان التي ترتكبها الدولة ضد الدولة المتدخلة في شؤونها الداخلية او مّـن خلال الضغوط السياسية والدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية قد تكون هذة الضغوط لها دور في ردع انتهاكات حقوق الانسان اما استخدام القوة العسكرية قد يؤدي الى نتائج غير سلمية او غير مرغوب بها .
التدخل التركي في العراق:
في الاحداث الاخيرة التي حصلت بين تركيا والعراق والتي يعود سببها الى ان تركيا تريد تحقيق التفوق الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، بما يتيح لتركيا أن تصبح لاعباً دولياً فاعلاً ومؤثراً، ليس في المعادلات الإقليمية فحسب، إنما في المعادلات الدولية أيضاً.
هذا الهدف يتوافق ويتوالم مع هدف استعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية.
تركيا لم تتمكن مّـن تسجيل حضورها ودورها الفاعل والمؤثر في الساحة الاقليمية والدولية الأوسع مّـن دون تحقيق قدر كبير مّـن الهيمنة على الدول المجاورة جغرافياً لها وبمقدمتها الدول التي تعاني مّن الاوضاع السياسية والامنية والاقتصادية غير المستقرة والعراق يعد في مقدمة الدول التي تضعها تركيا وسيلة لتحقيق اهدافها .
إذ إنها تجد أن الكثير من العوامل والظروف والدوافع التاريخية والجغرافية والسياسية والاجتماعية تساعد وتساهم في ذلك.
وربما مع مرور الوقت، تتعدد وتتنوع أساليب ووسائل التدخل والوجود التركي في العراق، وهو ما يمثل مبعث قلق متزايد لدى أصدقاء أنقرة وحلفائها، ناهيك بخصومها ومنافسيها وأعدائها، ولا سيما ما يتعلق بطبيعة وحجم وجودها العسكري والأمني الكبير في شمال العراق الخاضع لسلطة الأحزاب الكردية.
الوجود التركي في العراق:
وتتحدث تقارير موثقة من مصادر استخباراتية عن أن تركيا تمتلك 11 قاعدة عسكرية رئيسية في إقليم كردستان العراق، إلى جانب 19 معسكراً أساسياً تابعاً لها.
وتتوزع تلك القواعد والمعسكرات على مناطق بامرني وشيلادزي وباتوفان وكاني ماسي وكيريبز وسنكي وسيري وكوبكي وكومري وكوخي سبي وسري زير ووادي زاخو والعمادية.
في العام 2015، أي بعد حوالى عام على اجتياح تنظيم “داعش” الإرهابي بعض مدن العراق، استحدثت تركيا، بحسب التقارير، معسكرات إضافية جديدة في مدن بعشيقة وصوران وقلعة جولان وزمار، وحوّلت معسكرها في منطقة حرير جنوب أربيل إلى قاعدة عسكرية، وقامت ببناء قاعدة سيدكان، وفتحت بضعة مقرات في مدينتي ديانا وجومان القريبتين من جبال قنديل، من أجل إحكام السيطرة على مناطق خنير وخاوكورك وكيلاشين، وبالتالي الاقتراب من مواقع تمركز تشكيلات حزب العمال الكردستاني.
القصف التركي الاخير على العراق
منذ ايام قليلة قامت تركيا بقصف مصيفآ في شمال العراق ادى الى استشهاد البعض وجرح الاخرين وهذا يمثل انتهاكآ صارخآ لأمن العراق ومخالفة القوانين والاتفاقيات الدولية بتنفيذها عمليات عسكرية في الاراضي العراقية.
حيث انها انتهكت ميثاق الامم المتحدة ومبادئ مجلس الامن الدولي وكان على الحكومة ووزارة الخارجية العراقية ان تتخذ موقفاً حازماً وتصعيد القضية الى مجلس الامن وتقديم شكوى رسمية ضد تركيا كون هذة الجرائم ضد الانسانية وعلى تركيا احترام حسن الجوار والعلاقات والمصالح الاقتصادية بين البلدين .
ثم جاء بعد ذلك التدخل من قبل مجلس الامن الدولي.
جاء التدخل على شكل إدانة خجولة و متأخرة ولا ترقى لحجم الاعتداءات المتكررة بشكل شبه يومي ويكون ضحيتها غالبا من المدنيين الابرياء .
وهذا يعد تقصيرا واضحا من قبل المجلس وتتحمل السلطات العراقية المتهاونة بواجباتها جزاء كبيراً منه .
والدول التي نددت بالقصف هي (فرنسا وبريطانيا وروسيا والصين والهند والإمارات والمكسيك وغانا وايرلندا والنروج والغابون والبانيا والبرازيل وكينيا ).
ثم دعى وزير الخارجية العراقي المجلس إلى ممارسة مسؤولياته في صيانة السلم والأمن الدوليين و أهمية إصدار قرار عاجل يُلزم تركيا بسحب قواتها العسكرية المحتلة من كامل الأراضي العراقية .
ورفضت حكومة العراق رفضاً قاطعا تحويل العراق إلى مسرح لتنفيذ أجندات ومصالح الدول .
تقرير لـ نورهان علاء