لعنة منصب رئيس الوزراء
الكاتب : عبد الخالق الفلاح
على ما يظهر ان منصب رئيس مجلس الوزراء العراقي اصبح لعنة او سبة ووسيلة للتسقيط السياسي مما يدفع البعض بعدم التورط بهذا المنصب وبالتالي طريقة لعبور شخصية تتكيف مع طموحات الكتل السياسية المسيطرة على زمام الحكم لان العملية السياسية في العراق سرعان ما تفصح عن النوايا بوضوح وعن الجهات السياسية وغاياتها ووعود توقع من يكلف برأسة الوزراء في حرج سياسي، ووضع لا يحسد عليه، نتيجة الضغط الجماهيري الذي يطالب بتكليف شخصية من خارج المنظومة السياسية النافذة والمتهمة بالفساد ويسارع لإظهار نفسه مستقلا ومستمعا جيدا للمتظاهرين، ومقاوما للضغوطات،،و الامور لا تقف عند حد معين ووعود غير متحققة لمنح الثقة لا تزيد عن التكرار في السيناريوهات و التفاوضات فقط للحصول على مصالح ضيقة ولا تفي بالوعود الحقيقية وسرعان ما تنتهي دون إحساس بالقضية الوطنية والانسانية والدينية وما بين الشدّ والجذب،والأخطر من ذلك كله استغلال الازمة القائمة، والعلاقات المختلفة بين القوى والكتل السياسية جراء دخول المصالح طرفا في المعادلة، والتهديد به بشكل مباشر وصريح، لفرض احتكار أطراف سياسية للقرار السياسي على حساب المطالب والحقوق لجميع طبقات الشعب لاحتكار كامل للسلطة وخلافات تدخل الجميع في دوامة قد لا تدفعهم الى البحث عن الهوية الواقعية في ظل الموافقة والرفض، و تخلي محمد توفيق علاوي عن المهمة التي غابت عنه استراتيجية يستطيع من خلالها عبور التقسيمات الحالية في الحكم وهي مهمة ليست بهذه السهولة بعد توخلت في جميع مفاصل الدولة وسرعان ما وقع في مصيدة التخلي المجبر ورأى في رسالته الى رئيس الجمهورية ” أن بعض الجهات السياسية ليست جادة بالإصلاح والإيفاء بوعودها للشعب ووضعت العراقيل أمام ولادة حكومة مستقلة تعمل من أجل الوطن” بعد ان وصلت جهوده إلى طريق مسدود بعد شهر كامل في محاولة لتشكيل الحكومة العراقية وفشل عرضها على البرلمان لنيلها الثقة وأخفق مجلس النواب مرتين في الاتفاق بشأن حكومة ، “من أهم مبررات الرفض هي الملاحظات الغير منطقية التي أبداها النواب على أعضاء التشكيلة الوزارية وطريقة الاختياررغم انها حكومة تصريف اعمال والاعداد للانتخابات في مدة قصرة ، ومن الواضح جداً أن علاوي كان يخطط لتشكيل حكومته بطريقة مختلفة تماما عن طريقة تشكيل الحكومات الست السابقة و لم يتمكن من اتباع نهج مغاير عما تم اتباعه في تشكيل الحكومات المتعاقبة بحيث تخضع للمعادلات الحزبية والطائفية والقومية بسبب المعوقات التي وضعت امامه ، و تفرزها المحاصصة والمساومات والتنازلات والترضيات،ومن هنا اصر بالاعتماد على شخصيات غير إدارية وليست لديها أي تجربة إدارية في العراق كما تدعي الكتل السياسية في عذرها بعدم منحه الثقة ، وبعيدة عن الواقع العراقي المعيشي والإداري والوظيفي، فضلا عن أنها شخصيات كبيرة في العمر وبالتالي سيصعب عليها إعطاء العمل الوزاري استحقاقه ” واشتراطات متعارضة في طريقة تشكيل الحكومة وبين تقاطعات سياسية حادة للكتل ذات الأغلبية في برلمان البلاد، مما يزيد من حالة الجمود وعطل محاولات لإنهاء اضطرابات لم يسبق لها مثيل وأدى إلى تعثر تعافي البلاد وعان البرلمان انقساما هو الأكبر في تاريخه للخلافات الكبيرة بينه وبين الكتل الطامعة بالامتيازات وبالبقاء في السلطة ومن ثم التخلي عن التشكيل لعلها ستكون الباب الارحب لاختلاق المزيد من الأزمات والفوضى والتأخير المتعمد في الاصلاح حتى وان كان كاذباً ومن حق رئيس الجمهورية أن يقوم مقام عبد المهدي الذي ذهب في الغياب الطوعي في تولي منصب رئاسة الوزراء وجاء النص وفق المادة 81 بالدستور مطلقا دون تحديد مدة لتولي رئيس الجمهورية للمنصب ودون تحديد الصلاحية حيث يقوم رئيس الجمهورية بتكليف مرشح آخر وجديد لرئاسة الوزراء خلال 15 يوما من تاريخ خلو المنصب وتنشيط مرحلة المزايدات السياسيّة من جديد، والدخول في عقدة الفراغ الدستوري والضبابية على المشهد الغائم اصلاً وباعثاً على القلق، وقابلا للتصعيد وسط الحسابات والمصالح، وربما مساومات تنعكس على مجرى السياسة. يمكن القول إن العراق بات يتجه نحو أكثر من أزمة سياسية فى وقت واحد. فإلى جانب التداعيات المستمرة فإن أزمة الحكومة ستبقى قائمة دون تسوية ، على نحو سوف يؤدي إلى استمرار الحراك الشعبي حتى إشعار آخر.
ان رهان اليوم هو رهان وطني وأخلاقي أمام إرادة اتخاذ القرار والموقف، و يتطلب وعيا بخطورة ترحيل الأزمات إلى المستقبل، لاسيما أن مثل هذا التعطيل سيتسبب في ارباك دستوري، من الصعب السيطرة على تداعياته، وربما سيفتح الباب على مشكلات جديدة وخلافات تدخل الجميع في دوامة البحث عن هوية واقعية لذلك المستقبل المبهم