صلاة الجمعة الموحدة… هل ستحول العراق إلى ساحة صراع سياسي
يعود مقتدى الصدر من جديد لواجهة العملية السياسية ببيان يدعو فيه انصاره لصلاة جمعة موحدة ووضعهم في حالة استنفار، حيث أربك زعيم الكتلة الصدرية في العراق، حسابات منافسيه في القوى الشيعية المنضوية تحت ما يعرف بالإطار التنسيقي وحلفائها لتشكيل الحكومة الجديدة، بعدما نشر قيادي مقرب منه خطاباً من شأنه تحريك الشارع، حسب مراقبين، بالتزامن مع دعوة الصدر أتباعه إلى إقامة صلاة جمعة موحدة.
وقال الصدر -في بيان نشره مكتبه الخاص- “أيها المؤمنون والمؤمنات والمسلمون والمسلمات (إسعوا إلى ذكر الله) وذروا الدنيا، فهذه دعوة مني خالصة لله سبحانه وتعالى بأن نعود إلى (أيام الله) تعالى، وذلك بإقامة صلاة جمعة موحدة لعموم صلوات الجمعة في العراق مع بقاء الصلوات قدر الإمكان، وذلك في مدينة الصدر (في العاصمة بغداد)”.
ولكن سرعان ما تطورت الاحداث بشكل خطير عندما نُشر مقطع تسجيل صوتي لزعيم ائتلاف دولة القانون (نوري المالكي) يتحدث به بشكل واضح على زعيم التيار الصدري (مقتدى الصدر) ويصفهً بـالجاهل الذي لايملك شيء” ، نرفق لكم التسجيل.
ليتبعه تسجيل صوتي آخر فيه تجاوز واتهامات اكبر على (مقتدى الصدر) وانصاره واتهامه بالعمالة لبريطانيا ومحاولاته لجعل انصاره من (سرايا السلام) اشبه بـ (الحرس الثوري) الايراني، نرفق لكم التسجيل الثاني موضحاً تفاصيل اكثر…
رد المالكي على الاتهامات :
وجاء رد المالكي بالنفي المتتالي بنشر تصريح صحفي جاء فيه :
تداولت بعض مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلاً صوتياً زعم انه يعود للسيد نوري المالكي. والتسجيل يتناول جملة من القضايا السياسية والمواقف التي تتقاطع مع منهج نوري المالكي ودولة القانون ، إنّ تداول وبث هذا التسجيل يأتي في وقت ومنعطف حساس جدا تمرّ فيه العملية السياسية والواقع العراقي، وهذا يعطي مؤشراً واضحاً على أن الإعداد للتسجيل كان إعداداً مسبقاً ومشبوهاً، و نؤكد مرة أخرى أن ما جاء في هذا التسجيل الصوتي لايعود للسيد نوري المالكي، فمن الواضح ان جهة ما قامت بفبركة وتوليف الصوت باستخدام التقنيات الحديثة التي أصبحت منتشرة ومتوفرة بسهولة..
ندعو وسائل الإعلام الى الحذر من الوقوع في كمائن الاخبار الملفقة التي تروج لها بعض القنوات المشبوهة، واستقصاء المعلومات من مصادرها الرسمية .
ومما وضح موقف المالكي بشكل خاص والاطار التنسيقي بشكل عام وتخوفهم من هذا التسجيل تتابعت تصريحات النفي حيث نُشر تصريح صحفي آخر بفارق زمني قليل قال فيه المالكي :
انا ابلغ تحذيري لكل اخواني في العملية السياسية من عمليات التزوير والتزييف واستخدام اجهزة التقنيه الحديثه في نسب تصريحات لي ولغيري
وبمناسبة ما نشر في مواقع التواصل من كلام بذيئ منسوب لي فيه اساءة لمقتدى الصدر وانا اعلن النفي والتكذيب وابقى متمسكا برغبة العلاقات الطيبه معه و مع جهازه المحترمين وارجو ان لا يصدقوا ماينشر لان مايصلني من مثل هذا الفديو كثير لكني اهمله لاني اعرف انها فتنة يبعثونها لتمزيق الصفوف واثارة الاضطرابات
موقف الحكومة من الصلاة:
فقد جهزت وحداتها الامنية حيث نشرت ان عمليات بغداد تؤكد جاهزية قطعاتها لتأمين صلاة الجمعة الموحدة وذكر اعلام القيادة في بيان تلقته (الاولى نيوز )، انه “لتنسيق الجهود الأمنية والاستخبارية وتأمين أجواء آمنة مستقرة لصلاة الجمعة الموحدة المزمع إقامتها في مدينة الصدر يوم الجمعة الموافق ١٥ تموز ٢٠٢٢ التقى الفريق الركن قائد عمليات بغداد مع اللجنة المشرفة على تنظيم هذه الصلاة بحضور رئيسها حاكم الزاملي والوكيل الأقدم لوزارة الداخلية و إبراهيم الجابري مدير مكتب الصدر في بغداد وكافة أعضائها”.
واضاف، أن ” قائد العمليات اكد على جاهزية القطعات الأمنية بكافة مفاصلها للتعاون مع اللجنة بهدف تأمين أجواء آمنة مستقرة للحشود الجماهيرية المتوجهة صوب العاصمة بغداد لأداء صلاة الجمعة”.
التحليل السياسي وراء نشر التسجيل الصوتي:
هنالك عدة تحليلات ناتجة عن حدوث مثل هذه الأمور في هذه الأوقات تحديداً منها :
١- إن نشر مثل هكذا تسجيل و بوقت يسبق التحشيد لصلاة الجمعة التي دعا اليها مقتدى الصدر ما هو إلا امر مفتعل من قبل انصار التيار لزيادة اعداد المعارضين، وما يثبت صحة هذا التوقع التأكيد الاول: ما جاء في مصدر لـ (وكالة الاولى نيوز ) “اول رد من التيار الصدري نحن ذاهبون الى الجمعة وملتزمون بتعليمات القائد ولانلتفت لكل من يريد تخريب هذه الجمعة بتسريب صوتي او بغيره”.
والتأكيد الثاني :
لـ(حاكم الزاملي) والوفد المرافق له يصل الى محافظة واسط من إجل ترتيب اجراءات صلاة الجمعة التي دعى لها مقتدى الصدر .
٢- او قد تكون جهة ثالثة لا تنتمي للتيار ولا للاطار التنسيقي هدفها الوقوع بين الطرفين وتحويل العراق الى ساحة معركة وحرب شوارع بين الاطراف المتنازعة فأختارت التوقيت المناسب لشعل فتيل الفتنة.
٣- احتمالة وجود شخص او مجموعة وطنية تحاول لفت انظار الشعب لما يجري خلف الكواليس من اتفاقيات وعمالات تهدد الوطن ومواطنيه.
إن اللعبة التي يلعبها السياسيون فيما بينهم هي لعبة أدلة وبراهين خطيرة، يأكل القوي فيهم الأقل قوة و يقودها الأذكى” والأكثر سيطرة ، سواء كان هذا التسجيل قبل الإنتخابات او قبل سنوات، او جديد بعد تولي الإطار التنسيقي السلطة وتقديم مرشحيه لرئاسة الوزراء، أو حتى في وقت كانت فيه العاصفة هادئة، فإنه قد نُـشر بشكل متعمد لإثارة الفتن وزعزعة الجميع وحـصرهم في زاوية الأسئلة والشكوك ودائرة عدم الثقة.
بحسب مايقال إن جميع الأدلة من حيث الصوت و نبرته وأسلوب الحديث السياسي في التسجيل الصوتي الذي تم نشره تشير إلى أن التسجيل غير مفبرك وأن الذي يتحدث هو نوري المالكي بشخصه، ولكنه نفى ذلك سابقاً.فمهما تطورت التكنولوجيا لن تستطيع أن تأخذ دور الإنسان .
لكن لماذا نوري المالكي تحديداً، وما الذي يعنيه ،هل هذا يثبت أن زعيم دولة القانون أصبح غير مرغوباً بوجوده او غير مرحباً به بينهم، ، ام أن الهشاشة التي بينهم والتصدعات التي حدثت بيهم في الأعوام الماضية قد وصلت إلى مرحلة حرجة لا يمكن إصلاحها أو تغطيتها.
توجيهات مقتدى الصدر الجديدة لأتباعه
أصدر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اليوم توجيهاً يتعلق بصلاة الجمعة الموحدة التي ستكون صباح الغد، حيث دعا أتباعه الإلتزام بالأوامر والنظام لإن صلاة الجمعة الموحدة هي عبادة خالصة لله، و أمر اتباعه أن” لايكترثوا بالتسريبات لأنهم لايقيمون وزناً لها، و نـوه انه لن يدخل في فتنة أخرى، بحسب وصفه، و أن الخيار للشعب إن” أراد الوقوف من أجل مناصرة الإصلاح، فإنه لطالما كان داعماً وسيستمر بدعمه لخيارات الشعب، وقال بأنه سيحاول” أن يصلي بهم وإلا سيرسل من ينوب عنه.
سيناريوهات كثيرة ومتشابهة يكررها زعيم التيار الصدري، فما هي الغاية منها، وما الغاية من صلاة الجمعة الموحدة، إن كانت حكومتهم متفرقة، ماذا ستغير هذه الجمعة، و هل سيقوم مقتدى الصدر بخطوة جديدة لمحاولة إصلاح الثقوب في جدران العملية السياسية.
إن الأساليب التي يتبعها الصدر في تصريحاته مؤخراً تتصف بالتردد، والتخبط ومحاولة إتخاذ قرار صائب، خاصة بعد أن قام بسحب اتباعه من العملية السياسية، ذلك يقودنا للتساؤل عن مايجري في التيار الصدري و هل يحاول زعيمهم إرسال رسائل تعبر عن رغبته في التعاون مع الكتل وزعمائها لتشكيل الحكومة.
نبراس جمال / م.م. لمى كريم