استحصال الدواء شرط موافقة وزير .. مرضى السرطان ضحايا تجار وزارة الصحة وانعدام الانسانية
سجلت معدلات الإصابة بمرض السرطان في العراق، على مدى السنوات القليلة الماضية، ارتفاعًا مقارنة بمعدلاتها في السنوات الاولى التي اعقبت الغزو الاميركي للبلاد عام 2003، وذلك بسبب تفاقم مشاكل التلوث البيئي؛ لا سيما في المحافظات الجنوبية.
وكشفت منظمة الصحة العالمية، عن اعداد المصابين بمرض “السرطان” في العراق، مشيرة إلى أن أكثر من نصف الاصابات من “النساء”.
وقالت المنظمة،إن “في العراق 35 الف مصاب بالسرطان”، مبينة أن “57% منهم نساء”.
وأضافت: معاً يمكننا ان نوفر “الرعاية العادلة لمرضى السرطان” وضمان وصولهم الى الشفاء من خلال تطوير برامج ﺍﻟﻮﻗﺎﻳﺔ والتشخيص المبكر والعلاج الجيد.
توزيع محدود لأدوية السرطان
خصصت الحكومة العراقية للأدوية ضمن الموازنة الاتحادية العامة عام 2019 ملياراً و500 مليون دينار عراقي (مليون و31 ألف دولار)، كما تظهر جداول الموازنة المنشورة في صحيفة الوقائع العراقية عدد 4529. “وبذلك عجزت الوزارة عن تأمين غالبية الأدوية المنقذة للحياة ومنها الأدوية السرطانية” حسبما يقول المدير السابق لشركة كيماديا مظفر عباس، مؤكداً أن الشركة استوردت 9 أنواع فقط من أصل 59 دواءً ضرورياً لمعالجة السرطان، وفي عام 2020 بلغت مخصصات الأدوية ملياراً و302 مليون دينار (895.204 ألف دولار)، وفي عام 2021 بلغت ملياراً و349 مليون دينار (927.519 ألف دولار).
وتُوزَّع الأدوية السرطانية على المراكز المتخصصة وفق الحاجة التي يقررها قسما الأمور الفنية وتقدير الحاجة التابعان لوزارة الصحة، والمعنيان بتقديم قوائم وجداول بالاحتياج التفصيلي السنوي لكل مركز متخصص بعلاج الأورام، موضحاً أن توزيعها على المراكز يقترن بوجود التخصصات الطبية الدقيقة. لذلك، إن النقص في عدد الأطباء وامتناعهم عن الخدمة في المحافظات البعيدة والفقيرة، مثل المثنى وميسان والديوانية، أجبر شركة كيماديا على حصر توزيع الأدوية السرطانية على مراكز معينة في نينوى وأربيل وبغداد والبصرة، وفق عباس، وتحويل حصص تلك المحافظات إلى مراكز أخرى، ما يجبر المرضى على الانتقال بحثاً عن الدواء. وهو ما يبيّنه الدكتور عبد القادر الشمري الذي يعمل في مركز نينوى للأورام، قائلاً إن دائرة الصحة في المحافظة أحالت 200 مريض بالسرطان خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021 من نينوى إلى مستشفيات أخرى في بغداد وإقليم كردستان، بسبب عدم توفر الأدوية وأجهزة الإشعاع، والعلاج باليود المشعّ.
⁃ وذكر ذوي المتوفاة (ل.ح.) بسبب الاخطاء والتجارة الطبية المصابة بسرطان المثانة، وبعد التأكد من الحالة خارج البلاد اتضح تزويد المريضة بجلسات اشعاع زيادة عن الحاجة في (مستشفى الاندلس للاورام) الاهلي بارشاد من دكتور الاورام (أ.ع.) مما سبب لها التهابات وتلاصقات في الامعاء ، لكسب اموالاً اكثر لكل جلسة اشعاع ووصل اعلى حد من الجلسات وهي ٣٢ جلسة.
⁃ فضلاً عن الخطأ الطبي في الجرعات الكيميائية بعد التأكد من خطأ الطبيب في مستشفى الاورام التعليمي حيث زودت بجرعات اقوى من حاجة الحالة، وهذا ما تم اثباته بعد نقل المريضة الى مستشفى الجامعة الامريكية في لبنان حيث زودت بجرعات سيسبلاتين (Cisplatine) التي كانت في غنى عنها مما سبب لها التهاب الاعصاب المحيطية الذي منعها من الحركة بشكل تدريجي ، واثر على عمل الكليتين وارتفاع مستمر في اليوريا والكرياتين، وتوقف عمل المثانة بشكل نهائي وغيرها من التبعات التي اودت بحياتها.
نقص الادوية وتهريبها :
يروي محمد العيداني، الموظف في مكتب التفتيش والمتابعة بوزارة الصحة العراقية.
اعتقال 27 متهماً بتسريب الأدوية للصيدليات الأهلية خلال عامين
ومن بين 27 شخصاً اعتقلتهم الأجهزة الأمنية خلال عامي 2019 و2020 بتهمة تهريب الأدوية المخصصة لمشافي ومراكز وزارة الصحة، كان هناك 5 صيادلة يعملون في المراكز المتخصصة بعلاج أمراض السرطان، بحسب المقدم في المديرية العامة لمكافحة الجريمة المنظمة في وزارة الداخلية علي البيضاني.
⁃ حيث لا يجد المريض (ص.أ.) المصاب بسرطان القولون المنتشر داخل جدار البطن علاجه داخل مستشفى (الاورام التعليمي) التابع لمدينة الطب، بسبب مجموعة العراقيل التي وضعت امامه حتى يضطر لشراء الجرعة من خارج المشفى ومن صيدليات خاصة تابعة لاطباء يعملون فيها، حيث يبلغ ثمن الجرعة الواحدة (3000$) خارج المستشفى بينما يجب ان تعطى مجاناً لمرضى الاورام المستحقين وفق التخصيصات المالية الهائلة لوزارة الصحة.
⁃ وان المريض حالياً يعاني بسبب تأخر الجرعة لمدة شهرين وبعد مطالبة ذويه بها، وضعت امامهم اجراءات معقدة وشبه مستحيلة، إذ طُلب منهم مقابلة وزير الصحة واستحصال موافقة منه بعد رفض اللجنة المشكلة داخل (مستشفى الاورام التعليمي) تزويدهم بالجرعات، وواجهوا منع مقابلة الوزير قبل رفع كتاب رسمي من الطبيب المختص بهم وهكذا …
العقوبات القانونية لمهربي الادوية
يعد القانون رقم 39 لعام 1994، إخراج الأدوية والمستلزمات والأجهزة الطبية وغيرها من المواد والأدوات الاحتياطية بصورة غير مشروعة من المؤسسات الصحية الرسمية والجمعيات ذات النفع العام، جريمة من جرائم الاقتصاد الوطني، “يعاقب مرتكبها وكل من ساهم أو سهل أو اشترك في ارتكابها بالإعدام أو السجن المؤبد وبغرامة لا تزيد على مئة ألف دينار ولا تقل عن عشرة آلاف دينار ومصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة”.
من بين هذه الأدوية Decitabine (ديسيتابين) للعلاج الكيميائي ويباع بسعر 300 دولار للعلبة في الصيدليات الأهلية، بينما يحصل عليه الصيادلة مهرباً مقابل 200 دولار، كما يقول محمد نعيم صاحب صيدلية الفراتين الخاصة في بغداد، مضيفاً أن دواء Fluorouracil (فلورويوراسيل) المضاد للاستقلاب ويستخدم خلال وقت العلاج الكيميائي يباع بسعر 200 دولار، بينما يباع المهرب من المراكز الحكومية بسعر يراوح بين 80 إلى 100 دولار، وحُقن العلاج الكيميائي (Gemcitabine) (جيمسيتابين) التي يبلغ سعرها في الصيدليات الأهلية 250 دولاراً للعلبة الواحدة، فيما يبيعها المهربون بــ 150 دولاراً. أما Palbociclib، فسعره في الصيدليات بين 2300 إلى 2500 دولار، فيما يوفره المهربون مقابل سعر يراوح بين 1500 إلى 1800 دولار للعلبة الواحدة.
ويخفي أصحاب الصيدليات المتورطون في شراء الأدوية المهربة من المشافي الحكومية تلك العلاجات، عن أعين الأجهزة الرقابية في مخازن سرية بداخلها، بعدما تصل إليهم عبر التلاعب في طلبية الاحتياج الفعلي للمرضى المسجلين على قائمة العلاج في المراكز المتخصصة، وحتى المتوفين منهم، إذ يتواطأ صيادلة وأطباء لزيادة العلاجات المصروفة لكل مريض بإضافة أنواع من الأدوية على وصفة المريض التي يوقعها الطبيب ويصرفها الصيدلي، ويمنح المريض أدويته، بينما يُحتفَظ بالأدوية المضافة لبيعها للصيدليات، بحسب ما يكشفه الطبيب المختص بالأورام السرطانية عمار الفتلاوي، الذي يعمل في مركز ذي قار التخصصي للأورام جنوبي العاصمة بغداد، موضحاً أن أبرز الأدوية التي “تهرّب من المراكز السرطانية هي أدوية العلاج الكيميائي والأدوية الحيوية النادرة التي يكون تجهيزها قليلاً بسبب ارتفاع أسعارها، مثل (Nivolumab) (نيفولوماب) و(إندوكسان) (Endoxan) المضادين للسرطان وسعر كل نوع 250 دولاراً، بالإضافة إلى العلاج الكيميائي (Xeloda) كسيلودا، ويبلغ سعره 110 دولارات.
ويُعاقب الأطباء والمسؤولون المتورطون في تسريب الأدوية وفقا للفقرة أ من المادة الثانية من القانون رقم 39 “بالحبس وبغرامة لا تزيد على عشرة آلاف دينار ولا تقل عن خمسة آلاف دينار كل من أ – الطبيب الذي حرّر وصفة طبية وهمية أو مبالغاً في كميات الأدوية الموصوفة فيها وثبت كل ذلك بتقرير من لجنة طبية رسمية بقصد صرف أدوية لحاجة غير حقيقية لغرض الاستفادة غير المشروعة. ب – المسؤول عن المؤسسة الصحية الرسمية عند عدم قيامه باتخاذ الإجراءات اللازمة أو عدم إخباره السلطات المختصة عند حصول تلاعب بالأدوية والمستلزمات والأجهزة الطبية وغيرها من المواد والأدوات الاحتياطية في مؤسسته”.
م.م. لمى كريم