لماذا دماءنا رخيصة
قلم : كامل سلمان
عندما ننظر الى الامم الاخرى ونقارنها بأنفسنا ندرك مدى رخص دماءنا ، انظروا الى حرب اوكرانيا وروسيا فقد سارع الطرفان المتحاربان وفي الايام الاولى للحرب بتطويع الاجانب والعرب ومختلف الجنسيات و بمختلف الاغراءات المادية والمعنوية ، والهدف واضح هو تقليل الخسائر من ابناء الشعب ، بينما تذكروا حرب الثمان سنوات بين العراق وايران فقد سارعت القيادة العراقية انذاك بجلب الجنسيات المختلفة وغالبيتهم من العرب الى العراق ليحلوا محل العراقي الذي يجب ان يموت في جبهات الحرب و ليسكن هؤلاء الغرباء دياره فالعراقي هو المرتزق والغريب هو صاحب الدار والعراقي يقاتل ويموت دفاعا عن هذا الذي جاء ليسكن الديار ، وحتى ايران كانت تدفع بالعراقيين الذين كانوا لاجئين ومعارضين للحكومة العراقية في ايران وكذلك الاسرى العراقيين والافغان والمقاتلين من القوميات غير الفارسية للحفاظ على مجموعتها البشرية وكذلك فعلت السعودية في اليمن وكذلك تفعل الأمم الاخرى وخاصة الامم التي لديها المال والثروات ، وفي سوريا قاتلت ايران وكذلك الحكومة السورية بالعراقيين والافغان وغيرهم ضد ابناء الشعب السوري الذين نعتوهم بالارهابين . العراقيون هم الارخص والأسهل تعبئة .ولا لوم على ايران او سوريا او تركيا او السعودية او اية دولة ان تحافظ على شعبها وديموغرافية التوزيع السكاني لشعوبها وتقليل الخسائر من ابناء شعوبها ، ولكن عندنا في العراق يتم الزج بشباب العراق بحروب عنوانها عقائدية تعود منفعتها لخدمة الاخرين كي يبقى عندنا معدل الارامل واليتامى ثابت ومتفوق على الجميع ولكي يعرف الجميع بإن ارضنا ترحب بأية حرب وبين اية جهتين على شرط ان يحضر الطرفان المتقاتلان فقط اسلحتهم ومخططاتهم ومن عندنا الشهداء والمعوقين واليتامى والثكالى والارامل وحتى المال من عندنا فإن قادتنا سواء أكانوا من الشيعة او السنة ومن اي تركيبة سيقومون بالواجب وحسن الضيافة لمن يهدر دم العراقي .العراقي يموت من اجل القومية العربية ، العراقي يموت من اجل القضية الفلسطينية ، العراقي يموت من اجل المذهب ومن اجل المراقد الدينية ، العراقي يموت من اجل ان يحيى الاخرون فهو الارخص والاكثر استعدادا للموت من اجل اتفه الاشياء ، ألم تتقاتل العشائر عندنا من اجل حمامة او من اجل خصام طفلين او من اجل كلمة خرجت سهوا ، فكم من الضحايا سقطوا بسبب تافه نعم ومن اغرب الامور التي حوتها مجتمعاتنا ، تجد قبيلتان تنشب بينهما نزاع دموي تودي بحياة العشرات من اجل تحرش بأمرأة ، ثم تتوسط بينهما قبائل اخرى ليتم الصلح بين القبيلتين مقابل اعطاء الدية او الفصل كما يسمونه وهذه الدية عبارة عن عدد من النساء الى الطرف الاخر كتعويضات عن الخسائر ، اي يتقاتلون من اجل أمرأة ثم يتعاملون بالمرأة للتعويض كالبهائم ، نعم هذا هو الواقع . يحتفلون برمي الاعيرة النارية في الهواء الطلق وهم يعرفون حق المعرفة بإن هذه الاعيرة النارية ستعود من السماء الى الارض لتقتل الابرياء ، ذلك ليس بالمهم ، المهم انهم استعرضوا قوتهم وتسليحهم وغيرتهم .هذه نسميها نحن الغيرة العراقية ولكنهم يعرفون التسمية الحقيقية لها ، وهي الدماء الرخيصة ، ولا أدري مصدر هذه الغيرة التي جعلت دماءنا ارخص من الماء مع العلم ان عواطفنا وارتباطاتنا العائلية والمجتمعية توحي باننا يجب ان نكون اكثر المجتمعات البشرية حرصا على دماءنا واكثر الناس تراصفا مع ابناء جلدتنا للحفاظ على انفسنا ودماءنا ، ولكن للأسف الشديد العكس هو الذي نراه على الارض .عندما تجلس مجموعة من الناس للتشاور ووضع مخطط فيه قتل إنسان وسفك دمه تجد الشيطان يجلس معهم ويوحي اليهم بأساليب شيطانية يعجز عنها العقل البشري لذلك ترانا مبدعين في الاساليب الشيطانية للقتل وسفك الدماء ونفتقر الى العقلانية والدهاء والابداع في اي تخطيط اخر من شأنه ان يضيف لحياتنا اضافة ولو شكلية في اي مجال يرفع من شأننا ويجعلنا نشعر بوجودنا الإنساني بين الأمم .نحن مجتمع عسكرتاري لكن بدون هدف وبلا نتيجة وبلا إرادة ، نستعجل الحروب ثم نملها بسرعة ، نعمل السوء ثم نندم ، أفراحنا قليلة لإن أحزاننا لها حصة الأسد .تأريخ مليء بالالام والاحزان ، العربي يعيش الحزن ، الكوردي يحزن المسيحي يحزن ، كلهم يحزنون حتى وان غادروا العراق ففي الغربة الحزن ينتظرهم لإنهم من منشأ عراقي ، فبقدر ما يحمل هذا البلد من جمال الهواء والطبيعة والارض والماء وطيبة الساكنين فيها بنفس القدر تجتمع عليهم الاحزان لتحرمهم من حلاوة العيش مع هذه الخيرات ، وهذه ليست حالة مؤقتة بل تأريخ طويل له نفس الصبغة التي أبت ان تتغير .تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط كامل سلمانPost navigation← PreviousNext → Read our Privacy Policy by clicking here