العراق وشرق المتوسط ما بعد أوكرانيا!
مازن صاحب
وسط صخب الضجيج حول تشكيل حكومة عراقية بصيغة الأغلبية ام التوافقية، حملت صحيفة الاخبار اللبنانية تقريرا عن وفود إماراتية وقطرية زارت السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله، وفي إشارة ملفتة ناقشت هذه الوفود موضوع الجرف القاري لحقول غاز شرق المتوسط، التي تمثل اهتماما خليجيا وإقليميا ودوليا في بداية ناجحة لربط تصدير غاز هذه المنطقة نحو اليونان ومنها الى بقية دول الاتحاد الأوربي.مشروع الاستثمار المشترك لغاز شرق المتوسط ليس بالجديد، وهناك تقارير أمريكية واوربية وصينية وخليجية عن اليات الاستثمار في هذه المنطقة تستقر مكاتب الشركات في موانئ إسرائيل ومصر وقبرص، وهناك تنافس خليجي لاسيما من مؤسسة موانئ دبي وابوظبي مع الشركات الصينية للاستثمار في ميناء اشدود الإسرائيلي، فيما تأتي زيارة الرئيس الإسرائيلي الأخيرة لتركيا ضمن ذات الاتجاه، ناهيك عن القيمة الثلاثية المصرية الإماراتية الإسرائيلية لضمان امتيازات المشاركة الخليجية في نقل غاز الشرق الأوسط عبر الانابيب التي يفترض ان ترتبط بالأنبوب المار من قطر والكويت والسعودية باتجاه العراق ومنه الى ميناء اشدود وكبداية متواضعة يمكن ان يمر هذا الخط باتجاه ميناء العقبة الاردني ومنه يمتد عبر حدود صحراء سيناء باتجاه المنصات المصرية لتصدير الغاز والذي يعتبر مكلفا للغاية، لكن عطش دول الاتحاد الأوربي للطاقة يمكن ان يبدأ هذ المشروع يعجل بخطوات البداية الحقيقية للاستثمار في غاز المتوسط كبديل حتمي للغاز الروسي في مشروع نورد ستريم -2 الذي سبق وان حذر الرئيس الأمريكي رونالد ريغان الأوربيين منه والذي اعتبرت مرحلته الأولى صفقة القرن الماضي .السؤال ما الذي يمكن ان يحصل إذا تجاوز هذا المشروع الغاز العراقي في حقل عكاس الذي يعتبر أحد أكبر حقول الغاز في المنطقة؟؟ وما الفوائد التي يمكن ان يحصل عليها العراق؟؟لست بصدد حساب الفوائد الاقتصادية التي يمكن ان تجعل العراق منطقة ربط انابيب التصدير في الشرق الأوسط مقابل الأمان السياسي المفترض ان تقدمه الحكومة العراقية للشركات الكبرى متعددة الجنسيات لجذب استثماراتها في حقل عكاس أولا ومن ثم ربطه بمنظومة التصدير المفترض ان تبدأ بتصعيد وتائر تنفيذها لهذا المشروع ما بعد نزول الدب الروسي في مستنقع أوكرانيا ، لكن هذه القيمة الاقتصادية التي ربما تتجاوز أرباح الخمسين مليار دولار سنويا إضافة الى ريع تصدير النفط ، تتطلب ثمنا سياسيا تفيد بعض المصادر ان المفاوضات الامريكية الإيرانية انتهت الى الغاء تصنيف الحرس الثوري كقوة إرهابية مقابل السكوت والموافقة على قبول حزب الله اللبناني باتفاق قانوني بين الحكومة اللبنانية وإسرائيل في تحديد الجرف القاري لحقل الغاز المشترك ما بينهما لكي يبدا تصدير الغاز الذي سيوفر أرباحا كبيرة لهذه الدولة المنكوبة اقتصاديا، وكذلك هو حال العراق، فاذا حصل مثل هذا الاتفاق يتكرر السؤال عما سيكون موقف الكثير من الفصائل المسلحة العراقية من اعتبار ذلك نوعا من التطبيع غير المعلن مع إسرائيل . الواضح ان الشركات متعددة الجنسيات بما فيها الشركات الصينية وغيرها الاوربية والأمريكية بخاصة لا تثق باي من الدول العربية وتسعى لتحويل بضاعة ” الغاز” نحو إسرائيل كجهة ضامنة لإيصال هذه البضاعة نحو دول الاتحاد الأوربي، لذلك المرجح ان تباشر الان هذه الشركات بالاستثمار في حقول غاز شرق المتوسط مباشرة وتسريع خطواتها لردم فجوة الحاجة الاوربية، الامر الذي يوجل المرحلة اللاحقة لجمع غاز الخليج العربي والعراقي وربما الإيراني في عقدة انابيب تصدير الغاز باتجاه العقبة وربما بعد مرحلة لاحقة سيكون ميناء اشدود الإسرائيلي نقطة السيطرة على كميات الغاز المصدر من الشرق الأوسط كله تجاه الاتحاد الأوربي .البديل الأسوأ للعراق في المستقبل المنظور، يتجسد في حالة الإرباك في عدم تشكيل حكومة جديدة توافق على المشروع المطروح في بورصة قطار الغد، فاما ان يركب العراق في المحطة الأخيرة له او يبقى في حالة اقتتال داخلي ربما ينتهي الى مطالبات بإعادة تكوين العراق ما بعد انتهاء معاهدة لوزان في نيسان من العام المقبل، بان يكون كونفدرالية من 3 دول كردية وسنية وشيعية حسب مخطط الرئيس بادين الذي طرحه عندما كان عضوا في الكونغرس، عندها ستوافق الدولتين الكردية والسنية بالتعامل مع هذا المشروع وجني الأرباح فيما يبقى الاقتتال شيعيا – شيعيا ولله في خلقه شؤون !!