ثقافة المعارضة والأغلبية

ثقافة المعارضة والأغلبية – عبد الخالق الشاهر

الثقافة مدخل ومخرجه السلوك المثقف ، فثقافة المعارضة والأغلبية كغيرها من الثقافات هي سلوك بالتالي ، فلنبدأ بالسؤال عن ( الأسرة) التي فيها المدخلات الاساسية لكل الثقافات فمنها نكتسب الدين والمذهب والعرف والتربية وكل شيء تقريبا ، ويتبلور كل ذلك ويترسخ او ينهدم في المحلة – المدرسة- الحوزة- الحزب – العملية السياسية ، وسؤالنا هو: هل ان اسرنا علمتنا ثقافة المعارضة والأغلبية ؟ كيف علمتنا وهناك من قال لنا ان (الأب رب) وأوامره واجبة الطاعة ، فضلا عن انه خول نفسه ضرب امنا امامنا بسبب او بدونه ، فضلا عن حقه المقدس في ضربنا متى شاء ، فمن سيعارض حينذاك ؟انتقلنا الى المدرسة ولن اتفصل فيها سوى بأني كنت الوحيد في الصف الثالث الابتدائي الذي يحفظ نشيد نحن اشبال العراق .. نحمه يوم المحن .. قرأته بفخر وطلب المعلم من الباقين التصفيق وعنفهم وطلب منهم حفظ النشيد ليوم الغد .. لحنت النشيد كنشيد وفي اليوم التالي قال المعلم نفسه (خلي البطل عبدالخالق يقرة النشيد اول واحد فقرأته ملحنا ولم اشعر الا بأذني تطير من صفعة قوية جاءتني من المعلم وبعد يومين جاءتني اخرى من والدي لكون المعلم اخبره ( ابنك صاير مغني).لحد الآن لا معارضة ولا اغلبية ولا اقلية فلننتقل الى الاحزاب حيث النقد والنقد الذاتي واحترام الرأي الآخر والانظمة الداخلية التي تؤكد على القيادة الجماعية ونبذ الفردية والصنمية ، واذا بالأحزاب مسجلة في (الطابو) باسم المالك ( الامين العام مدى الحياة) وينتقل ارثا حسب قوانين الارث للأملاك العقارية ، ويذكرني ذلك برحلة من دمشق الى عمان بسيارة تاكسي وكان معي في الحوض الخلفي فنزويلي وزوجته ، وكنت اقرأ مذكرات جورج تنت رئيس المخابرات الامريكية فشاهدو صورته على الكتاب ودار حوار بيننا .. غادرنا الحدود السورية وكانت صورة السيد حافظ الاسد وبشار الاسد مرفوعتان على نقطة المغادرة وكانت صورة الملك حسين والملك عبدالله ،عند مدخل الحدود الاردنية فسألوني مستغربين : ما الموضوع؟ لماذا صورتين في الدولتين ؟ فـأجبتهم : انتم تؤمنون بالثالوث المقدس (الاب والابن والروح القدس) ونحن نؤمن بالأب والأبن فقط .عليه ليس (الأب رب) كما قيل فقط بل ان الامين العام مدى الحياة هو كذلك.. ومعه آل بيته الأطهار (بالضرورة) وانسبائه ، ومن غزاه ومن جاء به ومن يحمل السلاح غير الشرعي .. لاحظوا كيف ان القاب رب العزة هي اقل كثيرا من القاب رجال الدين والسياسيين ( الأمام الاعظم ، آية الله العظمى ، مختار العصر ،خادم الحرمين الشريفين ، شيخ الجهاد والمجاهدين ، قائد المسيرة الخضراء ) ولعل مفكر العرب الراحل نجيب محفوظ ابدع في المقارنة بين الله جل جلاله وبين (العمدة) بقوله ان الله يعز من يشاء ويذل من يشاء والعمدة كذلك ، والله له الملك يهب الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ، والعمدة كذلك ، ولو عاش محفوظ الى ان صار العراق بلا موازنات ختامية لقارن ايضا بين رب العزة والعمدة حيث يتساوى مع الله تعالى بأنه (( بيده الخير)) ولكان شاهد بأم عينيه كيف يوزع المال العام بغير حساب … شيء واحد لا يتمكن العمدة من تقليد الله تعالى به هو في ان الرب يحيي ويميت ، والعمدة يميت عدا عمدة جهاز المخابرات العراقي فبإمكانه ان يحي ويميت من خلال منعه بعثاتنا الدبلوماسية من منح شهادة الحياة لعراقيين مقيمين في الخارج كونهم فقط مشمولون بظلم القانون 72 الفاقد للشرعية الدستورية ، وحق الرد مكفول .هذا هو حالنا ايها الاخوات والاخوة ، ومن هذا الواقع المر لا يمكن تخيل معارضة حقيقية فاعلة ، ولا يمكن تخيل حكم الاغلبية الا اذا كانت اغلبية طائفة تخلق شراكة لا يمكن ان تكون الا شراكة اذعان ، وقد يبقى التوافق ( التغانم) له القدح المعلى لا سامح الله الصباح قادم .. قلتها يوم ترسخت القيم التشرينية ، ويوم فازت تلك القيم بمقاعد تسع ، ويوم صار لدينا 43 نائب مستقل .. ما كانوا ليكونوا نوابا ولما كانت الانتخابات قد جرت بعد وبقانون اكثر مقبولية ، وللأسف خان البعض منهم العنوان الذي نزلوا فيه الى جماهيرهم وعادوا ليعبدوا الامناء العامين مدى الحياة .. لقاء ؟؟ بينما كان الافضل ان يبقوا مستقلين بدلا من ان يعودوا الى الجدلية المسخ (مكوناتهم) او احزابهم التي هي شيعية او سنية او كردية والتي لا تمثل الشعب ، ولا تمثل المكونات .. يبقى الامل موجود . بل انه سيتزايد ان ذهب القوم الى ( التغانم) لأن في ذلك تدوير للفشل والفساد ،واحياء لغضب تشرين القادم … و((كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله)).. صدق الله العظيم.