مجلس الأعيان العراقي
د. فاتح عبدالسلام
بعيداً عن مستنقع نتائج الانتخابات، إذا كانت صحيحة او مزورة كالعادة، فإنّه ينبغي ان نتوقف لتأمّل واقع البرلمان العراقي منذ أول دورة بعد العام ٢٠٠٣، لنرى إنْ كانت حصيلة انتاجيته العامة من القوانين والتشريعات والتصحيحات الوطنية الواجب اتخاذها لاستقرار البلد وتحقيق أمنه تساوي مقادير أن تتحمل الدولة العراقية ميزانيات خارقة تصرف على النواب منذ اول دورة حتى الان مع ما يصحبها من استهلاك في كل شيء؟ هل يحتاج العراق فعلاً الى هذا العدد الكبير من أعضاء مجلس النواب مع حصة نسائية؟ هل ينبغي الاستمرار في طريق لا جدوى منه، حتى لو كان مدعوما بنصوص قانونية ودستورية؟ أليست القوانين والدستور أصلاً، محل خلافات كبيرة وتنتظر تعديلات جوهرية لكي يضمن البلد السير في طريق آمن ومستقر؟ يبدو أنّ هناك إصراراً على السير في هذا الحشد البرلماني في كل دورة حتى انّ هناك مئات البرلمانين عبر الدورات كلها لم يفتحوا افواههم بغير التحيات والتهاني، والبقية الناطقة منهم كانت دائما وقوداً لمهاترات ومناكفات أو تصريحات هي أقرب للمسخرة منها الى كلام البرلماني الموكّل بمصير شعبه. ولأن هذا الحال غير قابل للتغيير في ظل الوضع العراقي، أرى انّ من باب تحقيق الموازنة ولمنع استمرار الانحدار، أن نفكر بصيغة جديدة تتطلب تعديلا عاجلا في الدستور، لاستحداث مجلس الاعيان، الذي يتمتع بصلاحيات كبيرة وأدوات ناظمة لمسار التشريع والتنفيذ ما بين مجلس النوّاب والحكومة. هنا ستواجهنا مشكلة جديدة هي آلية اختيار أعضاء مجلس الاعيان لأن حيتان النفوذ والمحاصصة سيهرعون لتقاسم جديد في الغنائم، ونقع في نفس الحفرة. غير انّ هذه المحاذير لا تنبغي أن تكون المتنفذة لإسقاط المقترح وعرقلة الانتقال الى حالة جديدة يرتقي بها الوضع السياسي من هذا التخبط والتشرذم والوضاعة. ولابدّ من خطوة في الطريق الصعب مهما كان الثمن ، لأنّ البلد دفع من قبل أثماناً باهظة ولم يحصد شيئاً. رئيس التحرير-الطبعة الدولية.