البلد وحافة الهاوية
د. فاتح عبدالسلام
الازمة حدثت فعلاً وها نحن نشهد ترددات رجّتها القوية، وليس العراق يعيش في فرضيات انتظارها اليوم، لكن هل ينبغي المضي في تفاصيل الازمة الناتجة عن الانتخابات الأخيرة ومحاولة الاغتيال الفاشلة لرئيس الحكومة حتى تقع حادثة ثالثة فنكون امام معضلة لا خروج منها إلا بثمن غال. الان الفرصة متوافرة للعودة الى خط شروع مقبول نسبياً من اجل سلام الملايين، والكلام عن تزوير الانتخابات يقوله اليوم مَن كان يرفض المساس بنتائج الانتخابات السابقة المزوّرة بإجماع كل المراقبين. وسوف يستمر تبادل الاتهامات في كل دورة انتخابية سواء كانت مزوّرة بالكامل او على النصف او على الربع. المهم هو الحفاظ على السلم الاجتماعي لأربعين مليون عراقي يريدون ان يرتاحوا من هذه المهاترات والتصعيدات التي تذهب بهم على نحو مفاجئ الى حافة الهاوية ويعودون منها بشق الانفس، ونخشى ان تكون حافة الهاوية هي المستقر لجميع المتناحرين وقد اخذوا معهم خيوط السلم الاجتماعي من خلال شعاراتهم التي لا تبعث بالاطمئنان أبداً. الانتخابات ليست نهاية العالم، وهناك ما هو اهم منها في البلد، ونرى بلدانا حولنا لا تعرف الانتخابات لكن شعوبها مرفهة واطفالهم في مأمن من هذا الشرر الذي يتقادح هنا وهناك في كل ازمة عراقية. لكن في الجانب الاخر هناك السلطة التي يتقاتل على مكاسبها الخاسرون والفائزون معاً. هذا القلق من احتمال ضياع الامتيازات كانت فئات وكتل وأحزاب عراقية تعيشه في الدورات السابقة وعند تشكيل حكومة جديدة، ولن يكون هو القلق الأخير هذه المرة. لترجع العقول الى رؤوسها، وليرجع جميع النواب الصاعدون عبر اغلبية او اقلية الى الشعب ويظهروا له العمل المخلص. لن ينجو غدا فائز متصدر أو فائز بذيل القائمة من غضب الشعب على هذا الأداء السياسي البائس في حال اصررتم على اخذ البلد الى حافة الهاوية.