ضمانات مفقودة الى الأبد
د. فاتح عبدالسلام
البحث في الجهة المتورطة بتنفيذ الهجوم على منزل رئيس الحكومة او قصف السفارات في المنطقة الخضراء، ليس أمراً مُهماً أو استثنائياً في الوضع العراقي، كون الجهة معروفة لدى الاجهزة المعنية، أمّا الأطراف السياسية أو عموم الناس فقد يذهبون الى ترجيح طرف على آخر أو تأويل تصريح او موقف في إطار النظر الى الاغتيال الفاشل. القضية الأهم وصعبة التحقيق هي ضمان عدم قصف منزل أي رئيس حكومة عند الاعتراض عليه لأي سبب من الأسباب. لغة القصف بالطائرات المفخخة نسفت كل ما قيل وما يقال عن العملية السياسية التوافقية التخادمية الجارية في البلاد في انها الحافظ الأمين للسلم الأهلي والاستقرار العام. لا توجد آليات في العراق لضمان عدم استخدام السلاح في النزاعات السياسية، فقد كانت كواتم الصوت والأسلحة الرشاشة أسلوبا بدائيا في بداية التعاطي السياسي بين القوى المحلية عقب احتلال العراق مباشرة، وبرر سياسيون ذلك بقلة التجربة وحداثة العلاقة مع السلطة والحكم. أمّا الان بعد ثماني عشرة سنة واقتراب الفترة من عمر نصف جيل تقريبا، فقد بانت بوضوح الأخطاء الخطايا، وبان معها فعلها التخريبي وانعدام الامل في تصحيحها وإصلاحها، لأنّ التغيير باتجاه منطق الدولة يقابله من دون نقاش نهج لا يزال قويا ومدعوما من اتجاهات سياسية ودينية وعشائرية يهدف الى تكريس الاقطاعيات في البلد بما يمنع مساءلة القانون لها ويجعل الدستور في مهب الريح أكثر مما هو حاله اليوم. الجناة طليقون وسيبقون يتمتعون بامتيازات لا يحظى بها أبناء العراق من كل الفئات، لأنّ لغة السلاح يجري التلويح بها كل ساعة منذ سنين، واليوم بات استخدامها عملياً في جس نبض، لعمليات أكبر، تبدو الأرض مُعبّدة أمامها. إيران يجب أن تخاف على سمعتها في العراق، وألا تترك الحبل على الغارب للذين يتكلمون أو يلوحون باسمها بلغة السلاح في الشارع العراقي.