وزير الخارجية الإيراني يتحدث عن تطلعات بلاده حول اجتماع دول جوار أفغانستان في طهران
أعرب وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، عن تطلعاته حول الاجتماع المرتقب لوزراء خارجية دول الجوار الأفغاني بطهران اليوم الأربعاء.
وفي مقال له في صحيفة “tehrantimes”، قال حسين أمير عبد اللهيان: “إن وجود القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها في أفغانستان، فضلا عن رحيلهم المحرج والكارثي، قد ترك في أعقابه دولة غير منظمة إلى حد كبير وأمة مضطربة ومكتظة، مما تسبب في مستقبل غامض لبلد عانى من غزو عسكري في الموضة الحديثة تحت شعار مبتذل للتطور الديمقراطي”.
وأضاف عبد اللهيان: “في عام 2002، عندما كان دعاة الحرب الأمريكيون يغزون منطقتنا بتهور في ممارساتهم أحادية الجانب لتحقيق ما يسمى بالعولمة تحت ستار “الحرب على الإرهاب”، كانت هناك أصوات تشيد بالجنون وتتصور مستقبلا أكثر إشراقا للبلدان التي تعرضت للغزو، وشهدت منطقة غرب آسيا تطورات في ذلك الوقت، ولكن تميزت هذه التطورات بعدم الاستقرار والحرب، وفي الواقع، الدروس التي يجب تعلمها”، لافتا إلى أن “الحالة التي استمرت حتى يومنا هذا وتخللت المنطقة بأسرها، أدت إلى زيادة تأجيج الإرهاب والتطرف، وخلق بيئة غير آمنة وعرضة للتوترات والصراعات”.
وأكمل: “تعلمنا هذه الفترة المأساوية درسا لنا جميعًا في غرب آسيا، ليس أقله لأولئك الذين يواصلون تعليق آمالهم على القوى الأجنبية..الدرس المستفاد هو حقيقة أن الاستعانة بمصادر خارجية للأمن والاعتماد على القوى المستبدة هو حلم كاذب وسراب غير مستقر”.
وتابع وزير الخارجية الإيراني: “يذكرنا هذا التاريخ المأساوي لماضي أفغانستان بالمبدأ الأصيل الذي يقضي بأنه يجب على دول المنطقة توحيد قواها والرد بشكل جماعي على أسئلة وتوقعات شعوبها والسعي لخلق بيئة أكثر ازدهارا وأمانا واستقرارا، ويجب أن يتجسد هذا المسعى القيم ليس على أساس نموذج مفروض أو مبتذل ولكن على إطار أصلي وشامل للتعاون الإقليمي”، مؤكدا أن “يد الصداقة والأخوة الإيرانية تمتد دائما إلى كل دول المنطقة، ولا سيما الجيران، وأنه بهذه الروح، بدأ الدكتور إبراهيم رئيسي، رئيس جمهورية إيران الإسلامية، تعهده العظيم بوضع سياسة خارجية متوازنة وديناميكية وذكية على جدول أعماله، وفي هذه الأجندة الجديدة، تعطى الأولوية للعلاقات بين الجيران والدول الآسيوية ، وتحسين العلاقات السياسية والاقتصادية في المنطقة من خلال الاعتماد على الروابط التاريخية والثقافية والدينية والجغرافية، سيكون بمثابة أساس للتنقل والتواصل الجديد، ويوضح هذا الإطار الإيمان العميق بأن القواسم المشتركة بيننا في هذه المنطقة أكبر وأقوى بكثير من خلافاتنا ومظالمنا قصيرة العمر”.
وأوضح عبد اللهيان قائلا: “اليوم، تعلمت بلدان المنطقة من خلال التجربة أن أهداف الأمن المستدام والرفاهية والتنمية لا يمكن تحقيقها إلا من خلال التآزر الإقليمي والتعاون بين الجيران، ويهدف التعاون الإقليمي إلى إحياء الفرص والحد من التهديدات التي يسببها التقارب الجغرافي من خلال الاعتماد على المكونات الأخلاقية لحسن الجوار..إن الجولة الجديدة من جهودنا المشتركة بشأن أفغانستان بمثابة اختبار مهم لجيران أفغانستان من خلال أخذ إمكاناتهم الواسعة والمتنوعة في هذا الصدد، مضيفا: “يعتبر الاجتماع الثاني لوزراء خارجية جيران أفغانستان في طهران خطوة جديدة في الدبلوماسية التي اتخذتها الحكومة الإيرانية الجديدة لتحسين التقارب والروابط الإقليمية دون تدخل القوى الأجنبية وقائمة على الجوار وإرساء الأساس للمشاركين اتخاذ قرارات حقيقية وعملية من أجل مساعدة شعب أفغانستان في حل الأزمة الحالية في بلدهم، بما في ذلك من خلال مواجهة انعدام الأمن والتهديدات متعددة الأبعاد والحد من الفقر، واليوم، بعد أربعة عقود من انعدام الأمن في البلاد، يعتبر جيران أفغانستان تحسين أمن الشعب ومعيشتهم حجر الزاوية للاستقرار والتنمية وتشكيل حكومة شاملة”.
وأضاف: “إيران وأفغانستان جارتان صديقتان وأخويتان تربطهما علاقات تاريخية وروابط وفيرة ، تتراوح من منطقة تاريخية حضارية شاملة مشتركة إلى الترابط الديني والثقافي واللغة الفارسية التي ربطت البلدين معا، وفي جميع المراحل الحساسة والحاسمة من تاريخ أفغانستان، بما في ذلك زمن النضال والمقاومة ضد الاحتلال، وقفت جمهورية إيران الإسلامية إلى جانب دولة أفغانستان المسلمة والمجاورة لها، وتولي الحكومة الإيرانية الجديدة أهمية كبيرة لهذا التاريخ الطويل الأمد في سياستها الخارجية”، مشيرا إلى أنه “من دواعي السرور أنه يوجد اليوم إجماع أكبر من أي وقت مضى على أهمية سياسة الجوار في إيران، وأنه لا حدود لتوسيع وتعميق العلاقات مع الجيران، وعلى الأخص مع أفغانستان التي لها مكانة خاصة في السياسة الخارجية الإيرانية”.
وقال موضحا: “لحسن الحظ، فإن جميع جيران أفغانستان لديهم هذا الإجماع على أنه يجب تطهير البلاد من انعدام الأمن وعدم الاستقرار، وأنه ينبغي أن تصبح مركزا للأنشطة البناءة والإنتاجية ، وألا تُستخدم الأراضي الأفغانية لإطلاق العنان..تريد دول الجوار أفغانستان مستقرة وآمنة ومزدهرة اقتصاديا، مؤكدة على حقيقة أن قضية النازحين وسبل عيش الشعب الأفغاني تتطلب اهتماما مكثفا على المدى القصير، والآن، مع إنهاء احتلال أفغانستان، بمساعدة المنظمات الدولية ودول المنطقة، ينبغي اتخاذ الترتيبات اللازمة لمساعدة الأشخاص المستضعفين في أفغانستان في محنتهم الحالية، وفي اجتماع طهران، سنسعى بكل إخلاص لاستكشاف السبل لحل هذه المشكلة المزمنة، وإثبات أن مشاركة الجيران وتعاونهم ومساعدة جميع الأعضاء هي إمكانات هائلة وبناءة يمكن أن تضع نهاية أبدية للهيمنة والاعتماد الأجنبي على قوى خارج المنطقة”.