مَن يوقف الابتزاز؟
د. فاتح عبدالسلام
ازدادت في السنوات الأخيرة عمليات الابتزاز الالكتروني في العراق على نحو جعلنا نسمع اخباراً شبه يومية عن القبض على أشخاص يقومون بتنفيذ الابتزاز لأغراض مالية في تحويل مبالغ مقابل عدم نشر صور مخلة بحوزتهم، أو لأغراض جنسية في اجبار فتيات صغيرات على الاستمرار في طريق الخطأ منعا لفضيحة أكبر بحسب ظنّهن. عدم خضوع المراهقين والمراهقات للرقابة العائلية في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لاسيما الفيسبوك وانستغرام، بات عاملا أساسيا في هذا الانفلات الذي يسقط له ضحايا كل يوم، وتعمل أجهزة في الداخلية لمكافحة هذه الآفة من دون جدوى بسبب غياب الدعم الاجتماعي الأسري في السيطرة على الأبناء وتوجيههم بشأن الاستخدام الصحيح لوسائل التواصل. رأيت أطفالاً في الصف الثاني أوالثالث الابتدائي لديهم صفحات على الفيسبوك واستخدام واسع لوسائل الاتصال على نحو لا يخضع مطلقا لرقابة العوائل، بل انّ كثيراً من الآباء والأمهات هم أولى بالتوجيه والرقابة من أبنائهم، لأنهم يشجعونهم على استخدام هذه الوسائل ذات الحدين من باب التفاخر أو ادعاء الثقافة وسوى ذلك من الامراض الاجتماعية المتفشية كنتاج لتفشي الفساد أيضاً. الجهات التربوية، ووسائل الاعلام المحلية غائبة عن أداء دور اجتماعي، واقصد الاعلام الممول من الدولة، الذي بات فريسة سهلة ورخيصة أحيانا للتجاذبات السياسية أو سوى ذلك من اجندات سياسية ذات شعارات كبيرة ويابسة في محاربة الإرهاب مثلا، في حين ان وسائل التواصل السائبة في ايدي الصغار في الأسر العراقية هي الباب المفتوح لتسلل التطرف وانتشار المخدرات والدعارة، والانزلاق في مهاوي كثيرة على صلة بالإرهاب أحياناً. الاعلام الحكومي لا يخضع لخارطة طريق في تحديد نسب ونوعية ومستوى انتاج البرامج والدراما بما يتناسب مع معالجات واقعية لمشكلات اجتماعية وتربوية واقتصادية فضلا عن الأمنية والسياسية. هو اعلام مموّل من موازنة الدولة في النتيجة، وهذا يعني انه جزء من مهمة البناء المفترضة حتى في المادة الترفيهية، ليس بطريقة التوجيهات المركزية الشمولية السابقة ، لكن بطرق علمية يشترك فيها مفكرون وباحثون في المجتمع وعلم النفس والنشء الجديد، من اجل الاسهام في إيقاف التداعي الاجتماعي من الداخل. والمناصب الإعلامية ليست مجرد سد شواغر بمحاصصات حزبية وولائية للحيتان الكبيرة.