على الجبهات المنسية
د. فاتح عبدالسلام
قبل أيام نشرت مواقع رسمية عراقية صورا لقادة عسكريين يتفقدون جبهات القتال مع تنظيم داعش، ومرت الصور مروراً عابراً من دون التوقف عند حقيقة انّ امكنة داعش ونقاط انطلاقه معروفة وتكاد تكون ثابتة في بعض المواقع القريبة من مدن وبلدات وقرى، وهذا يثير أسئلة حول مستقبل الوضع الأمني في البلاد اذا استمر الوضع السياسي متذبذبا ومتهافتا وغارقا في بحار امتيازات السياسيين وكياناتهم واوهامهم المريضة، فيما هناك عدو يتربص في مواقع محصنة داخل العراق، معرّضة للقصف لكنّها بحكم الجغرافيا وعوامل أخرى غير قابلة للاقتحام والتطهير. لكن المسألة ليست حدود الجبهات مع تنظيم داعش، وانّما هناك معارك تترشح لفتح جبهاتها التي ليس بالضرورة ان تكون عسكرية، وانما هي اقتصادية ومعيشية وصحية وتربوية. الجبهة الداخلية ليس لها منظومة أخلاقية قيمية تربوية مدعومة بالإعلام المتاح في البلاد، لذلك هي جبهة هشّة قابلة للاختراق والبيع والشراء، وهذا كله هو تمهيد التفسخ الاجتماعي والخلل الأمني، ومن ثمّ اتاحة فرص جديدة لتنظيمات إرهابية ليست من لون داعش بالضرورة لكنها بنفس قسوته وأكثر. البلد على حافة تداعيات كثيرة، فهو بحسب منظمة الزراعة والأغذية العالمية- فاو – بين سبع دول هي الافقر في العالم من دون ان يلتفت أحد الى وجود إيرادات نفطية وتجارية تصل الى مائة مليار دولار سنوياً. البلد بهذا المسار ليس له مستقبل، مثل رجل فقد نظره فجأة وترك ليقطع مسافة اميال بين حقول الألغام.