ما بعد مؤتمر استعادة الأموال المهربة
سعاد حسن الجوهري
يستمع او يقرأ العراقيون عن المليارات من الدولارات، التي تم تهريبها من بلادهم قبل وبعد 2003 لكنهم ينتظرون ان تتم مهمة استعادتها على وجه السرعة، نظرا لما تمر به البلاد من ازمة مالية خانقة عطلت مسار التنمية والاقتصاد بنحو كبير. فعلى وقع مؤتمر استعادة الاموال المهربة ببغداد وبحضور عربي وممثلين عن منظمات اممية، ثلاثة أمور تحكم المشهد العراقي ازاء التعامل مع هذا الملف الحساس والخطير تتعلق بالتضارب الكبير بالارقام المعلنة. فالعراقيون يستمعون إلى الخطابات التي تطلقها الحكومات المتعاقبة حول مشاريع وقوانين وآليات استرداد الأموال المنهوبة من بلادهم ولكنها دائما ما كانت تبقى حبراً على ورق. ويُرجع محللون عدم استطاعة أي حكومة إنجاز هذا الملف إلى كثرة المتورطين فيه، إضافة إلى أن غالبيتهم أعضاء في الأحزاب ذاتها التي تمسك بالسلطة. رئاسة الجمهورية تطرح رقما للاموال المهربة بواقع 150 مليار دولار، لكنه لا يروق للجنة المالية وايضا النزاهة النيابيتين، حينما اكدتا أن الرقم أكثر بكثير من المعلن. حيث وصل الى 350 مليار دولار. وكان وزير المالية علي علاوي قد أشار في وقتٍ سابق إلى أن 250 مليار دولار سرقت من العراق منذ عام 2003 حتى الآن وهذا المبلغ يبني العديد من الدول، كما أن هذه السرقات أدت إلى تراجع قدرات العراق الاقتصادية. الرقم المعلن يفوق موازنة البلاد لأكثر من عامين وفقاً لمصادر مطلعة اشارت إلى أن المبالغ المهربة خارج البلاد كانت عبر إيصالات وهمية. وكثير من العمولات دفعت لغرض التهريب كان يحصل عليها بعض المسؤولين لكن اعضاء باللجنة المالية في البرلمان كشفوا عن ارقام مريخية. وقالوا إن قيمة الأموال المنهوبة في العراق نحو 450 مليار دولار. اختتم المؤتمر الذي عقد على مدى يومين (16/ 15) الشهر الحالي وحظي باهتمام اعلامي تجاوز حدود الوطن والشعب، بانتظار أن تتحقق مخرجاته مصداقا على ارض الواقع كون المبالغ المهربة كفيلة بسد العجز المالي الحاصل في الموازنة الاتحادية للعام الحالي والاعوام المقبلة، فضلا عن امكانية استخدامها في مجال دفع عجلة الاستثمار والتنمية المستدامة نظرا لحجم تلك المبالغ الهائلة. ختاما اعتقد ان المسلك الدبلوماسي الصحيح والعلمي هو الطريق الاقرب لاستحصال كل هذه المبالغ على وفق مسار قصير، متوسط وبعيد الامد نظرا لصعوبة المهمة، التي تتطلب تتبعها في البنوك الدولية وتحريك الشرطة الدولية “الانتربول” في بعض جوانب الكشف عنها، وغيرها من الطرق التي يجب ان تكون النافذة للوصول اليها. العملية معقدة للغاية وبحاجة الى اسناد سياسي واعلامي وشعبي لاستعادة ملياراتنا المهربة، التي حركت عجلة اقتصاديات كبرى في المنطقة والعالم، بينما يرزح اقتصادنا تحت ضغط الحاجة اليها لدفع عجلة التنمية الى الامام.