قمة بغداد.. لا نخدعكم ولا تخدعونا
قمة بغداد.. لا نخدعكم ولا تخدعونا _ د. فاتح عبدالسلام
حين وقعت الحرب، وسقط النظام السابق بالقوة العسكرية الامريكية العظيمة، تحفزت جميع دول جوار العراق، كل بحسب ارادته وامكاناته ونيّاته، بحثاً عن مصالحهم الجديدة مع النظام المستحدث الذي سيحكم البلد. ومرت سنوات سود طويلة وثقيلة تخللتها حروب داخلية طاحنة أشرس من تلك الحرب الامريكية الخاطفة التي زرعت الأوهام بسرعةِ قطف النصر. وخرجت، في وقت قصير، الدول المحيطة بالعراق في حينها بنتيجة انّ هذا البلد محكوم بإرادات حزبية متقاطعة، ما لبثوا أن اكتشفوا انَّ ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب. وكانت الحكومات المتعاقبة في بغداد منذ أيام الحاكم الأمريكي المدني بول بريمر راضية بالدور الثانوي المنقطع عن مفاهيم السيادة والتنمية، والغارق في مستنقع المصالح الذاتية الحزبية والفئوية، وكان اقطاب تلك الحكومات فرحين بما آتاهم الأجنبي من فضله ويظنون انّ الغنيمة باتت في أيديهم، حتى انكشف امام العراقيين، المشهد كله وانتفضوا اكثر من مرة ، ولا زالوا يعيشون في خضم ترددات الارتجاج الكبير في انتفاضة تشرين التي تنتظر نتائج تضحياتها السخية في الانتخابات المقبلة. همومنا العراقية اكبر من هموم جيراننا بكثير، تلك الدول تعيش استقراراً، حتى لو كان تحته نار متقدة لكن مسيطر عليها ، غير انّ نيراننا لا تخبو، تلتهب في الصدور، يحملها العراقي يأساً بين أضلاعه وهو يغدو ويمسي من بيته الى محل عمله، مع منظر تناقص العافية العراقية يوماً بعد أخر . لذلك لا يحتمل بلدنا أن يتلقى اثراً سلبياً من اية دولة مجاورة أو غير مجاورة، وانَّ أبناء العراق الذين بدا عليهم الانكسار أكثر من مرّة، لأنهم زُجوا في معارك الاخرين الخاسرة، سوف يستعيدون وجودهم، وهم يفعلون ذلك عن إرادة اليوم، قد تظهر بعض نتائجها في الانتخابات المقبلة، لكن المهم منها سيبقى شعلة لا تنطفئ ولا تستهلك. يا دول الجوار، لا نريد أن نخدعكم، بلدنا يحتاج ان تعاونوه إذا كانت لكم نيّات حسنة تجاهه، وإذا كان أمره يهمكم حقاً. نتمنى عليكم ألا تشجعوا طرفاً عراقياً لينال من طرف آخر او ليتفوق عليه أو ليستعبده أو يحاول ان يلغي وجوده وتراثه، كما كان المشهد العراقي ينطق بهذا في السنوات الأخيرة. يا دول الجوار، لا يريد العراقيون منكم اجندتين ، واحدة فوق الطاولة وأخرى تحتها ، فوالله تلك بذور فتنة ستصل شراراتها اليكم من دون أن تشعروا.