أحلام متقاعد.. الحد الأدنى
أحلام متقاعد.. الحد الأدنى – ثامر مراد
كلما قذفني القدر الى تجمع لكبار السن او ممن يستلمون تقاعد الحد الادنى …اجد نفسي اسبح في بحيرة من حزنٍ كبير لا بل اغرق في محيط من آهات وحسرات ليس لها قرار…حسرات ترسم في الروح اقسى وابشع صورة من صور الحرمان لشعبٍ مرّ ولازال يمر في طرق ودروب مبهمة لاتفضي الى بصيصٍ من أملٍ مهما حاولنا التظاهر بالتفاؤل ضمن سير حركة الحياة اليومية. اليوم وانا اتخذ لي زاوية من زوايا سيارة الاجرة – الكيا – المتجه الى بغداد الجديدة جلس في المقعد الامامي لزاويتي رجل رسم الدهر على وجهه وروحه صور كثيرة من صور الالم والبؤس والتحسر والتندر والتذمرلدرجة انني كدت افقد الامل لكل شيء اسمه روح الانسانية في هذا العصر الرهيب . راح يسترسل في حديث كئيب – وان كان هامسا نوعا ما – لزميلة الذي شابهه في كل شيء وكانهما يشتركان في حكايات وروايات لايريدان ان يعرفها اي مخلوق على هذه الارض. اغمضت عيناي متظاهراً بالخروج من عالم اليقظة الى عالمٍ آخر لاينتمي الى عالم الواقع الذي يعيشان فيه ..او لأدع لهما فرصةالحوار بحرية اكثر بعيدا عن رقابتي الفضولية . الحق يُقال – كانت جميع حواسي تلتصق بهمساتهما وكلماتهما وكأنني معني بكل كلمة يتفوهان بها . ” سمعت اليوم في موقع – يحيا العراق – اننا سنستلم زيادة هذا الشهر تشير الى ان راتب الحد الادنى للمتقاعد سيكون 800 الف دينار وان برهم صالح قد صادق على هذا القرار. ” وراح يشرح لزميلة العجوز اهمية هذا الحدث ان صح وان حياته وحياة عائلته ستتغير بكل ماتعنيه هذه العبارة من معنى. راح قلبي ينبض بكل قوة وشعرت انني سأفقد توازني وانا استمع الى كل كلمة يفسرها لزميلة – الذي لم تبدوا على روحه اي اثارة من اثارات السعادة والرغبة لمواصلة الحياة مهما كان نوعها . كان هناك صراع قوي يفور ويمور في ذهني – هل اتدخل في هذا الحوار العقيم ام استمر في مواصلة التظاهر بالنوم لحين وصولي الى هدفي المنشود . على حين غرة توصلت الى قرار سريع – اخرجت هاتفي النقال – ورحتُ ابحث عن موقع – يحيا العراق في اليوتيوب- فوجدت الرابط الكاذب الذي يقول – بأن هناك زيادة لراتب الحد الادنى للمتقاعد ويكون 800 الف دينار عراقي ..اضافة الى صورة لجدول يمثل الزيادات الوهمية . حينما شاهدت الخبر الكاذب صدقته ..او حاولت ان اقنع روحي بصدقه . صارت احلام الزيادة تداعب قلبي بكل قوة وشرعت ارسم صوراخرى لتلك الزيادة وكيف سادخلها في برنامج المصروف الشهري . كانت احلام جميلة ومأساوية في نفس الوقت. انتظرت نصف شهر لأتبين حقيقة هذا الوهم وجاء الراتب ولم تكن هناك اي زيادة وظل ذلك الوهم يقض مضجعي ..وظلت الاحلام ترسم لها صورا كثيرة في زوايا الروح…ولو انني ايقنت تماما انه لن تكن هناك اي زيادة لراتب الحد الادنى للمتقاعد وسيظل كل متقاعدي الحد الادنى يحلمون ويحلمون وستظل الاحاديث الحزينة تغطي كل فضاءات سيارات الاجرة التي يستقلها البؤساء الى اهداف معينة ضمن حركة الحياة. هناك حديث طويل عن هذا الموضوع يجول في خاطري لكنه حديث عقيم لن يحقق اي سعادة لاي متقاعد يستلم راتب الحد الادنى…لذلك لننسى كل شيء يتعلق بالزيادة ونتجه الى خالق السموات والارض ونتضرع اليه ليلا ونهارا ليخلصنا من هؤلاء السراق الذين لايعرفون معنى الروح الانسانية ولا يعرفوا شيء اسمه الحاجة لكل شيء في زمن اسمه ارذل العمر.