عجالة غير مبررة في بغداد
د. فاتح عبدالسلام
يبدو انَّ المباحثات السرية التي جرت في بغداد بين السعودية وإيران شجعت على الدعوة لعقد مؤتمر لدول جوار العراق في بغداد، والمؤتمر ذو صفة دولية دعيت له دول كبرى، وتردد انَّ الرئيس الفرنسي ماكرون سيشارك شخصياً. لكن ما يجري الاستعداد له في عقد المؤتمر الدولي نهاية الشهر الجاري، لا يبدو منسجما مع احتمالات العودة بفائدة مرجوة للعراق الذي من الصعب فهم معنى حماس حكومته التي تعيش مضائق متداخلة منها الانتخابات البرلمانية الوشيكة والتطورات الساخنة غير المحسوبة في الخليج، فضلاً عن المشاكل الثنائية بين بعض دول جوار العراق والتي قد تلقي بظلالها على المؤتمر، كما ان بغداد لم تصل بعد الى مرحلة التأهل لاستيعاب مشاكل دول الجوار وتناحراتها المزمنة.انه توقيت استعجالي، لن يعود بفائدة مهمة للبلد، ولو اقتصر الدور العراقي على المسعى التوفيقي لجمع كل رأسين متناحرين على حدة في بغداد لكان الدور اكثر نجاعة في فتح مسارات ذات فاعلية سياسية مع الاخرين. ما المبرر ان يجمع العراق دولاً لا يمكن ان توافق على ان تحضر في بغداد من دون ان تكون هناك مسارات تفاهمية مسبقة محسومة فيما بينها. فالسعودية وإيران لم يصلا الى ذلك المستوى من التفاهم العميق، كما ان عدم حضور الرئيس السوري بشار الأسد والاكتفاء بممثل سوري يعني ان اطراف الجوار غير متكاملين في التفاهمات التي ينبغي ان تتم في المؤتمر الدولي الإقليمي. هل استعدت بغداد لاحتمالات الخلافات التي من الممكن ان تتفتق أكثر مما هي عليه بين تركيا وسوريا مثلاً؟ العجالة في هذه المؤتمرات ستعود بأثر سلبي وتفقد بغداد القدرة على استيعاب تناقضات الجوار في المستقبل القريب.