قتيل معروف لدى 40 مليون عراقي
قتيل معروف لدى 40 مليون عراقي _ د. فاتح عبدالسلام
العراقي المهاجر الذي قتلوه بقسوة فظيعة امام حراس الحدود بين ليتوانيا وبيلا روسيا ورموا جثته في العراء. أعرفه شخصياً، وتعرفه انت أيضاً شخصياً، ويعرفه أربعون مليون عراقي في الداخل والمهاجر فرداً فرداً . انه ليس كأي مواطن من مواطني الدول الأخرى، له كيان شخصي مختلف او قضية مغايرة، هذا القتيل العراقي حامل قضيتنا واوجاعنا وسنوات الضيم والجوع والعوز والظلم والطائفية والفساد والقتل السري والاختفاء القسري والسجون المظلمة والاقطاعيات السياسية المترعة بالمفاسد والمال الحرام. هذا المهاجر العراقي، لم يكن بحاجة لحمل هوية، أو اسم، أو عنوان، أو وثيقة سفر تدل عليه. لا يحتاج الى أي شيء من هذا، لقد عرفوا هويته وتاريخه الشخصي والاجتماعي وسجلاته الوطنية بمجرد أن أومأت عيناه باتجاه البلد القتيل البعيد، وهو يقول بين أيدي قَتلته السفّاحين الجدد: أنا عراقي، أنا عراقي. لم يكن يدري انَّ هذا الاعتراف الخطير بأنّه عراقي ثمنه الموت في عراء المهاجر والمنافي كما كان غالباً يقود الاعتراف نفسه الى التغييب والاغتيال في قلب الوطن. ارتال المهاجرين لم تنقطع مع تغيير النظام السياسي في البلد، بل زادت طولا وثقلا بالمواجع والمآسي. متى ترتاح أيها العراقي؟ متى يتوافر لك كأي مواطن في العالم موت مُكرم في بلدك وبين أحضان اهلك، تلبية لنداء الاجل الإلهي المحتوم بعد حياة سعيدة حققت بها رسالتك في تربية اطفالك وتعبيد طريق المستقبل امامهم؟ الى متى يظل العراق مصدر المهاجرين الباحثين في بلدان ليست اغنى من بلدهم مطلقاً، عن لقمة العيش الكريمة واحترام حقوقهم كبشر، لا يطلبون كرسيا في الحكم برغم من حقهم الطبيعي في ذلك. رئيس بيلاروسيا طلب التحقيق في مقتل العراقي، أكرر للضرورة، انه رئيس بيلاروسيا.