الهند وباكستان وشفا الحرب الرابعة
الأولى نيوز / بغداد
يثير التصعيد الاخير بين البلدين النوويين، الهند وباكستان المخاوف من امكانية وقوع حرب جديدة بينهما بعد ان كانا قد خاضا ثلاث حروب، اثنان منها بسبب اقليم كشمير المتنازع عليه بين نيودلهي واسلام آباد وتنشط فيه جماعات مسلحة تسعى لاستقلال الشطر الذي تسيطر عليه الهند.
ولذلك تشن هذه الجماعات بين الحين والآخر عمليات ضد القوات الهندية وكان آخرها العملية الانتحارية التي فجرت غضبا هنديا تحول الى قصف جوي في عمق 80 كيلومترا داخل الاراضي الباكستانية.
مقتل نحو اربعين جنديا هنديا في عملية واحدة كانت ضربة موجعة لنيودلهي، ولذلك كان ردها سريعا وعنيفا بضرب ما زعمت انه معسكر تدريب لجماعة مسلحة تطلق على نفسها اسم جيش محمد وتتحمل مسؤولية العملية الانتحارية. لكن الرد الهندي رأت فيه اسلام اباد جرحا لكرامتها وانتهاكا لسيادتها مما جعلتها تصعد من عملياتها ضد القوات الهندية خاصة وان شعبي البلدين يشجعان حكومة كل منهما في اي توتر عسكري بين البلدين فالقصف الهندي حظي بفرحة شعبية هندية مقابل غضب باكستاني عارم.
وتجدر الاشارة هنا، الى ان ميزان القوى يرجح الكفة الهندية على الباكستانية سواء بالاسلحة التقليدية او بالاسلحة النووية لكن الحرب بغض النظر عن ميزان القوى خيار غير مفضل لكلا البلدين في ظل الازمات الاقتصادية التي تعاني منها اسلام اباد ونيودلهي علاوة على انهما سيأكلان بعضهما الآخر دون ان يكون هناك متضرر ثالث يمكن ان يعمل على وقف الحرب باي ثمن لان كلا البلدين علاقاتهما معقدة مع العملاق الاقتصادي الآسيوي، الصين وكذلك مع كل من الولايات المتحدة وكيان الاحتلال الاسرائيلي.
التهمة التي تنسبها الهند الى باكستان هي التهاون مع المجموعات المسلحة التي تحمل افكارا متطرفة وتقوم بعمليات انتحارية او عسكرية ضد القوات الهندية في كشمير او حتى داخل الاراضي الهندية، وهي تهمة تلاحق باكستان في اففانستان والتي ترددت على لسان مسؤولين افغان لاكثر من مرة، وكذلك ما وقع مؤخرا من اعتداء انتحاري على حافلة تابعة لحرس الثورة الاسلامية الايرانية قرب مدينة زاهدان وتبنتها مجموعة مسلحة تنشط على الاراضي الباكستانية وتطلق على نفسها اسم جيش العدل.
ولعقود خلت من الزمن، ظهرت في المشهد السياسي الباكستاني، جماعات مسلحة ومتطرفة تتبنى الفكر الوهابي السعودي وتحظى بتمويل كبير وتشن عمليات مسلحة ضد اتباع المذاهب الاسلامية الأخرى ولم تفلح اسلام اباد في القضاء على هذه الجماعات بل على العكس يتردد ان الاستخبارات العسكرية الباكستانية تواجه تهما باستغلال هذه الجماعات لاغراضها الخاصة وهو ما نوهت اليه حليفة اسلام اباد، الولايات المتحدة ووصل الامر الى حد التهديد بقطع المساعدات الاميركية لباكستان وحذفها من قائمة الدول الحليفة.
وهذه لا يعني بالضرورة ان الهند هنا هي الحمل الوديع في هذه الازمة فهي ايضا متزمتة في التعامل مع الكشميرين وهناك تقارير تدين نيودلهي في انتهاكاتها لحقوق الانسان في كشمير التي تخضع لسيطرتها. وما يزيد الامور سوءا هو ان الحزب الحاكم بهاراتيا جاناتا برئاسة رئيس الوزراء نانردا مودي يوصف بقوميته المفرطة بمعاداة المسلمين عموما وباكستان خصوصا وهو مقبل على انتخابات عامة بعد شهرين وكذلك انتخابات ولايات مهمة وبالتالي بحاجة الى تعبئة شعبية.ومع الاخذ بعين الاعتبار طبيعة الخلافات الحادة والمتعددة بين الهند وباكستان وخوضهما ثلاث حروب من قبل، يبقى السؤال هو، هل ينزلق البلدان الى حرب رابعة في عام 2019؟ والجواب الاكثر ترجيحا هنا ان كلا البلدين لا يرغبان بحرب يخسر فيها كلاهما بل سيكتفيان بالحرب الكلامية وردود الافعال العسكرية التي يفرضها الميدان وسط دعوات لتحكيم لغة العقل وضبط النفس والدفع الى الجلوس الى طاولة الحوار واحتواء هذه الازمة الجديدة خاصة وان الهند افرغت شحنة غضبها بغارة جوية مباغتة وما عداها هي ردود افعال لامتصاص نوبات غضب شعبية في كلا البلدين مالم يقع ليس في الحسبان وخارج التوقعات.