النقاط ليست على الحروف
د. فاتح عبدالسلام
الاعترافات التلفزيونية للقَتلة عملية لتوكيد العمل من اجل تطبيق العدالة. لكن لا يمكن التعويل على عرض اقوال قاتل واحد في حين انَّ البلاد يسرح ويمرح فيها قتلة شهداء تشرين وقبلهم قتلة آخرون معلومون مجهولون، أوغلوا في الدم العراقي. نقطة الضعف الرئيسة في العرض، انَّ هذا القاتل الذي ظهر في الشاشات أخيرا يعيد سرد وقائع نعرفها جميعا، وحكتها قبله الكاميرات التي صورت عملية الاغتيال بدقة ووضوح وعرضتها للناس. لكن الأخطر هو انَّ القاتل لم يكشف للناس عن الذين كلفوه تنفيذ الاغتيال. العراقيون يعرفون ما حدث ولا يحتاجون مَن يعيد وصف ذلك. المهم هو تحرر السلطات من قيود المحافظة على مشاعر الجهات الخارجة على القانون بشخوصها وتنظيماتها وأكذوبة مراعاة عدم استفزازها للحفاظ على الهدوء وعدم التصعيد. أي تصعيد أكثر من أن يزهق القتلة بين يوم واخر خيرة شباب البلد؟ مَن يضمن لنا أن يكون الشخص المعترف تلفزيونيا هو ذاته القاتل الحقيقي، إذا لم يجر ذكر تفاصيل التنظيمات التي كلفته بالاغتيال. ليس مهماً القبض على القاتل كفرد، مادامت عجلة القتل تدور بمنظوماتها الكاملة، وتنفذ ما تريد، وقد تترك واحدا أو اثنين أو ثلاثة، يسقطون من عجلتها العملاقة وهي تسحق العراقيين. سمعنا تبريرات في كل الحكومات الماضية من اجل عدم الإشارة الى تورط دولة او جهة خارجية او تنظيم أو حزب أو شخصية في الداخل بعمليات راح ضحيتها عراقيون أبرياء أغلبهم من أصحاب الرأي أو وجوه اجتماعية لها مكانتها بين الناس وتصدت لانحرافات السياسيين غالباً بالقول والنقد ليس أكثر. العراق لن يكون بخير ما لم يتم وضع النقاط على الحروف بقوة القانون والسيادة الوطنية، ولا يبدو انّ ذلك قريب الحدوث.