تعديل المادة 57 الخاصة بالحضانة في قانون رقم 188لسنة 1959
تعديل المادة 57 الخاصة بالحضانة في قانون رقم 188 لسنة 1959 _ ماهر جبار محمد علي الخليلي
بدءا نسال لماذا نشرع؟ والحديث عن مسببات اللجوء الى القوانين والتشريع، ومن الطبيعي ايضا ان يكون الجواب من اجل فض النزاع والخلاف بطرق حضارية قانونية بعيدا عن شريعة الغاب والاساليب غير الانسانية، والسؤال الثاني من الذي يشرع؟ ومن الطبيعي ان يكون المشرع ملما وفاهما ومختصا ومقدرا لما يضعه من كلمات وحروف في نصوصه التشريعية. نستمر في طرح الاسئلة ونسال من جديد من هي الفئة التي نشرع لها ؟ والجواب ان لكل فئة وشريحة من المجتمع ظروف ومناخات وبيئة تختلف عن غيرها واي تشريع يخصها يجب ان يكون لهذه الفئة دورا محوريا فيها لانهم المستهدفين من التشريع ، وتواصلا مع هذه الفئة المستهدفة من المتضرر ومن المستفيد من التشريع؟ وماهي نسبتهم ؟ وكيف يمكن معالجة الضرر في حالة وجوده؟ وهنا لابد من دراسة اثار التشريع على الفئة المستهدفة قبل تشريعه ولابد من طرح معالجات لحالات الضرر ان وجدت. نظريا في العراق هناك دستور وقانون ومحاكم وسلطة قضائية ومراكز شرطة للتنفيذ وعمليا لايوجد شيء من هذا تماما، فالقانون على الضعفاء والفقراء فقط سيف مسلط، ولكن لاهل السلطة والمال لايوجد قانون سوى شريعة الغاب، واخذ الحق باليد، ولا يلتجيء للقانون الا الضعيف، وفي مواضيع الاحوال الشخصية فان العوائل المحافظة التي تحترم نفسها لا تلجا الى القانون الا نادرا لانه لايعيد الحق الى نصابه بل يزيد من مشاكل تلك العوائل وتوصف العائلة التي تلجا الى القانون بانها غير محترمة في اقل وصف.أوساط نخبويةموضوع تعديل المادة (57) من قانون الاحوال الشخصية 188 لسنة 1959 وتعديلاته اللاحقة موضوع اخذ جدل وحوار واسع في جميع الاوساط النخبوية والشعبية واصبح الناس فريقين الاول يؤيد التعديل بكل قوة وكانه المنقذ ويقضي على حالات الطلاق والاخر رافض وبقوة وكان القانون نص سماوي لا يمكن تعديله، بل اكثر من ذلك فقد اصبح التنافس بين الرجل والمراة وفي وصف اخر هو صراع بين الدين والعلمانية.بمعنى اكثر وضوحا بين الكتل الذي تمثل الاسلام السياسي وبين التيار المدني، والحقيقة واضحة وضوح الشمس اذ انه ليس صراعا بين حقوق الرجل وحقوق المراة ولا هو صراع بين الدين والعلمانية، لان الدين الاسلامي بل جميع الاديان السماوية وغير السماوية انصفت المراة والطفل والرجل، والنصوص الدينية في الكتب السماوية قبل تاويلها وتفسيرها واستغلالها في التطبيق المحرف هي نصوص محترمة وواضحة ولا يوجد فيها لبس ، اما من يدافع عن المدنية او العلمانية فليس الامر متعلق فقط بحقوق المراة دون اعتبار للاسرة.الاستعجال في طرح القانون يؤكد الصبغة السياسية الانتخابية مع كل انتخابات بعيدا عن حاجات المجتمع الاساسية والتشريعات ولا التي تخدم الناس والمتضررين من التشريعات السابقة.الدليل على ذلك عدم اشراك المتخصصين والانفراد السريع باقتراح التعديل وقرائته الاولى في ظرف صعب يعيشه العراق من نقص خدمات اساسية مثل الكهرباء والماء، وصراعات دولية وتصفية حسابات على الارض العراقية، ومشاكل اقتصادية كبيرة، وبدل ان يتجه مجلس النواب الى الاسراع في مراجعة الالاف من القوانين النافذة القديمة وقرارات مجلس قيادة الثورة المنحل النافذة، والتي فيها صبغة الحزب الواحد، يذهب باتجاه تشريع تعديل مستعجل وغير مدروس.عودة الى المادة 57 والسؤال هل تم الاخذ بنظر الاعتبار مصلحة الطفل ذا السبع سنوات ؟ ولماذا يحسب القانون السابق باعتباره من صالح المراة او الام والجديد يحسب فيه نصرا وانتصارا ومكتسبا للرجل المظلوم،؟ وهل تم دراسة التاثير الاجتماعي والنفسي على الاسرة بشكل عام وعلى الاطفال بشكل خاص؟يعد قانون الاحوال الشخصية العراقي متقدما جدا على دول المنطقة بل في كل اسيا، ودول العالم الثالث على الرغم من قدمه من ناحية التاثير الاجتماعي والاقتصادي، لان من وضعه خبراء حقيقيين في الفقه القانوني وعلماء اجتماع ومتخصصين في علم النفس الاسري ، واصبح طموحا للكثير من الدول حيث عدلت الاردن قانونها عام 2019 تاثرا بالقانون العراقي ومتقدما عليه في معالجة حالات مستحدثة ، والمطلوب اليوم من المشرع العراقي التوجه نحو تطوير القانون القديم بالاتجاه العمودي نحو الاعلى والارتقاء به ومعالجة الحالات المستحدثة والجديدة بما يخص مكان المشاهدة وطريقة المشاهدة وفق المنظور الانساني بعيدا عن التشنج والعصبية القبلية والدينية .ملخص الموضوع ان التعديل الجديد يفتح الباب امام مشاكل اجتماعية كبيرة جدا وتسهم بشكل واسع في خلق ظروف بيئية حاضنة للجرائم، وزيادة حالات الانتحار بين النساء، بعد سلبها حق الامومة في وقت مبكر جدا ويعرض سمعة العراق الدولية الى السوء، لاسيما وانه قد وقع على اتفاقيات عديدة عن حقوق المراة وحقوق الطفل وحقوق الانسان.التوصيات1 – بالتكيد ان المادة 57 تحتاج الى تعديل في موضوع المشاهدة وهذا مؤكد ومطروح اصلا وممكن جدا ان يكون من خلال تعليمات باجراءات المشاهدة تكون اكثر انصافا للطرفين يؤخذ فيها بنظر الاعتبار مصلحة الطفل اولا والاسرة بشكل كامل بما يضمن النشاة الصحيحة.2 – تشريع القوانين من اختصاص مجلس النواب اكيد ولكن يجب اشراك الجهات القطاعية المتمثلة بنقابة المحامين التي تتمتع بالكثير من الخبرة، والشرطة المجتمعية بالذات المحققين المتمرسين والميدانيين، والجامعات العراقية لاسيما كليات القانون واقسام الاجتماع وعلم النفس، والقضاة في الاحوال الشخصية لان هذه الجهات لها خبرة ميدانية وعلمية اكثر بكثير من عشرة نواب يقترحون قانون لاغراض شخصية وانتخابية، دون اعتبار لمصلحة المجتمع ومصالح الاسرة العراقية والسمعة الدولية.3 – ضرورة ان يقر قانون او عرف في مجلس النواب بان يرافق كل قانون دراسات علمية ميدانية حقيقية تبرر التسبيب الموجود في القانون، مع تحديد المتضرر والمستفيد من القانون بالاعداد والنسب وحسب الفئة المستهدفة، مع وضع معالجات حقيقية وواقعية للمتضررين مستقبلا اما بتشريع اخر او من خلال تعويض معين وحسب كل حالة منفردة.4 – المادة 16 من قانون الخدمة الجامعية تؤكد على التعاون بين المؤسسات والجامعات في حل مشاكل المجتمع ، وهذا يجعل من الضرورة بمكان ان يلجا مجلس النواب قبل تشريع اي قانون بهذا المستوى من الخطورة الى الجامعات ويكلف فريق بحثي ميداني لدراسة المشكلة من جميع ابعادها ويعطى البحث المدة الكافية لانجازه دون تاثيرات سياسية او اجتماعية ويخرج بتوصيات، وممكن جدا ان يشكل على نفس المشكلة اكثر من فريق بحثي للخروج بعدة افكار وتوصيات تكون ملامسة للقاعدة الاجتماعية.