الاستثمار له عيون وليس أعمى
د.فاتح عبدالسلام
نعود الى قضية الاستثمارات التي ليس لها رأس او اقدام في العراق بسبب الفساد والخوف من المفاجآت الأمنية وتخلف القوانين عن روح العصر وغياب خطط جذب الشركات. واليوم نتحدث عن ركن الحاجة الفعلية بحسب تبويبات معينة للاستثمار. تلك هي مسألة الأولويات، ولا أظن أنّ هناك أهم من قطاع الكهرباء. وهنا لابد ان نفيد من الانفتاح العراقي المصري في العلاقات للإفادة من التجربة المصرية، اذا كانت مصر تعاني من نقص يصل الى ثلث ما تحتاجه فعلاً في أوقات الذروة للاستخدام الكامل، وكان انتاجها أربعة وعشرين ألف ميغا واط وهي تحتاج الى ثلاثين ألف ميغاواط ، وهي نفس الحاجة الفعلية تقريبا للعراق اليوم، بالرغم من ان عدد نفوسنا أقل من نصف نفوسهم، وانّ معاملنا لا تعادل عشرة بالمائة من انتاجيتهم. لكن المصريين استثمروا في خطط انتاج الكهرباء وتأسيس قواعد محطات بشكل صحيح أتاح لهم تحقيق فائض في اقل من ثلاث سنوات، وهم ينتجون اليوم ستة وخمسين ألف ميغا واط. وبدأوا بخطة استثمار ملياري دولار فقط لانتاج أربعة الاف ميغا واط ، ومن ثم توالت المشاريع الإنتاجية من ضمنها الطاقة الشمسية العملاقة. الفائض المصري من طاقة الكهرباء هو أربعة وعشرون ألف ميغا واط. ومصر ليست دولة نفطية وتعاني زيادة مذهلة بعدد النفوس. ياترى ما هي الاسباب التي تجعل مصر تخرج منتصرة في وقت قياسي، وتضيف لدخلها القومي إيرادات بالعملة الصعبة من القطاع الذي كانت تشكو العجز فيه؟ هذا السؤال يجب ان تجيب عليه جميع القيادات السياسية التي تتبجح بمنجزاتها الوطنية لم ليس لها وجود. دراسة تجربة النجاح لدى مصر او لدى اية دولة أخرى هو طريق الاستثمار الصحيح، وليس فقط بجلب الشركات الاجنبية التي قد تترك ظلالها الثقيلة على البلاد لجيل او جيلين من دون ان ندري.