الاستخبارات العراقية تطلق حملةً لملاحقة “المسؤولين الوهميين”: أرهقوا بغداد وأمنها
في خطوةٍ هي الأولى من نوعها منذ سنوات، نفذت قوات الأمن العراقية، اليوم الثلاثاء، حملة واسعة تستهدف ظاهرة المسؤولين الوهميين، ومنتحلي الصفات، والمكاتب الوهمية التي انتشرت بشكل واسع في بغداد وعددٍ من محافظات البلاد.
ويُقصد بالمسؤولين الوهميين، أو ما يعرفون اليوم في العراق باسم “الفضائيين”، أشخاصٌ ينتحلون صفات عسكرية وأمنية، كلواء وفريق وعقيد، أو صفات مستشار وقاض ومفتش عام، أو مدراء منظمات وهمية عراقية، أو تحمل صفات دولية.
ويقع المواطنون العراقيون ضحية هؤلاء “المسؤولين الوهميين”، إذ يدفعون لهم أموالاً لقاء خدمات يعدونهم بها، كالتعيين في الدوائر الحكومية، أو إطلاق سراح موقوفين، أو تسهيل معاملاتهم داخل الوزارات المختلفة.
وقال مسؤول أمن عراقي، لـ”العربي الجديد”، إن الحملة التي نفذتها الشرطة وجهاز الاستخبارات أسفرت عن اعتقال عدد ممن يحملون صفات وهمية، وعثر في حوزتهم على أختام مزيفة ومعاملات مواطنين وقعوا ضحايا لهم، وكذلك أموال بالعملة الصعبة.
وأكد المصدر أن حملة ملاحقة منتحلي الصفات الرسمية في بغداد “ستتواصل إلى حين القضاء على هذه الظاهرة التي أرهقت عمل الأجهزة الأمنية”، مشيراً إلى ورود معلومات تفيد بقيام بعض الأشخاص بانتحال صفات قادة أمنيين كبار، وقيادات في أحزاب متنفذة.
وبيّن أن هؤلاء يستغلون الصفات الرسمية من أجل تنفيذ عمليات نصب واحتيال واسعة النطاق مقابل مبالغ مالية كبيرة، مشيراً إلى تكثيف الجهد الاستخباري للحد من تفاقم هذه الظاهرة.
وفي السياق، أكد الخبير الأمني العراقي هشام الهاشمي، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام عراقية محلية، أن جهاز الاستخبارات شنّ حملات اعتقال ضد “أشخاص 56″، ينتحلون صفات مستشارين وضباط ومدراء في الأجهزة الأمنية والرئاسات الثلاث (الجمهورية والوزراء والبرلمان).
ويطلق مصطلح “56” في العراق على الأشخاص الذين يديرون عمليات النصب والاحتيال، في إشارة لرقم مادة في قانون العقوبات العراقية تفرض عقوبات على مرتكبي المخالفات من هذا النوع.
في هذه الأثناء، قالت قيادة عمليات الجيش في بغداد أنها اعتقلت، الثلاثاء، تسعة أشخاص متهمين بارتكاب جرائم احتيال وتهريب مخدرات وآثار في مناطق متفرقة من بغداد، موضحة في بيان، أنها ألقت القبض على محتالين استولوا على أراضٍ في بغداد، وعلى مزور أوراق رسمية.
بدورها، أشارت القوات العراقية إلى إلقائها القبض، السبت الماضي، على شخصٍ ينتحل صفة ضابط في الجيش العراقي ببغداد، وذلك بعد يوم واحد من إعلان قيادة عمليات الجيش ببغداد عن القبض على شخصين، أحدهما ينتحل صفة ضابط، والآخر تاجر مخدرات، في العاصمة العراقية.
وفي السياق، أكد المحامي ماجد السلامي أن محاكم بغداد سجلت خلال الأشهر الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في حالات النصب التي تتم على أيدي أشخاص يدعون أنهم مسؤولون بالدولة العراقية، منتقداً غياب المعالجات بشأن هذا الموضوع الخطير.
وأوضح السلامي، في حديث لـ”العربي الجديد”، أنه “في بعض القضايا، يقوم أعضاء في أحزاب كبيرة بانتحال صفات رسمية، لكن في حالات كثيرة تكشف التحقيقات عن وجود أشخاص يدعون أنهم مسؤولون حكوميون، أو قادة أمنيون، لكنهم لا يمتلكون أيّ وثائق رسمية تثبت ذلك”.
ولفت السلامي إلى وقوع عددٍ غير قليل من المواطنين ضحية هذه الأعمال، لا سيما أولئك الذين دفعوا مبالغ مالية كبيرة من أجل الحصول على تعيين، أو الإفراج عن معتقل بتهم كيدية، مؤكداً أن القضايا من هذا النوع ازدادت بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة.
بغداد ـ براء الشمري