العامل الأخطر بعد قمة بغداد
د. فاتح عبدالسلام
قمة بغداد، تقع في التسلسل الرابع للتنسيقات الثلاثية المشتركة منذ سنة ونصف السنة، لكن الاجتماع الأخير في بغداد كان الأهم، كونه يتوافر على صيغ تنفيذية للخطط والتفاهمات فضلا عن بقاء هامش كبير من التنسيق في ملفات تخص أطرافاً أخرى ولها نهايات مفتوحة، ولا يمكن لجهة البت بها، لصلتها بقضايا الإقليم والساحة الدولية. اهم مشكلة تواجه الدول الثلاث قبل عاملَي الأمن والاقتصاد، هو الوقت الذي بات سيفاً مُسلّطاً على الدول الثلاث لإنجاز الاتفاقات والعمل المشترك قبل أن تستفحل مشكلات أمنية تلوح هنا وهناك، وقبل أن تخرج تفاقمات الواقع الاقتصادي عن السيطرة وتنعكس على استقرار الشارع العربي في هذه الدول. وهذا هو التحدي الذي يجب ان تظهر معالجاته واضحة وعلى نحو سريع في الشهرين المقبلين كأبعد تقدير، وذلك لأسباب عدة منها مداهمة وقت الانتخابات البرلمانية العراقية وما سيترتب عليها من تغيير حكومي شبه حتمي وانشغالات مفاجئة كان الشارع العراقي ولودا لها طوال ثماني عشرة سنة. و كذلك قضية مصر الشاغلة في ترتيبات ملء سد النهضة في اثيوبيا في مرحلته الثانية والتي تكاد تجري من دون اتفاق مصري سوداني اثيوبي، وهذا أمر لا يحتمل التأخير في حسمه، خشية أن تحدث الغفلة الزمنية، و يعود الإقليم الساخن أصلاً، الى مواجهة سياسات الامر الواقع ومحاكاة حقبة الثمانينات والتسعينات في العالم العربي التي تعني توفير العوامل الخصبة لإنتاج الحروب. ولنكن واضحين، فإنّ كلّ دولة تتكتم على الفائدة الخاصة، غير المشتركة، التي تتطلع لها من هذا الخط الثلاثي من التعاون، الى جانب الفوائد التي لا تظهر إلا من خلال توزيع المنافع على أصحابها الثلاثة. اذا اردنا ان يكتب لقمة بغداد الاستمرارية، وان تكون مشروعا مستداماً، لابدَّ من التفكير بتوسيع المشاركين في هذا الملتقى الاستراتيجي، كما لابدَّ من عقد جولات جديدة للمكاشفة حول فاتورة النجاحات والاخفاقات، وعدم ترك الأمور على عواهنها للزمن، لاسيما حين تنشغل الدول الثلاث بملفاتها الداخلية المفاجئة التي تلهيها عن مواكبة قطف ثمار العمل العربي المشترك.