الديمقراطية والإحتكام لصناديق الإنتخاب
شاكر كريم عبد
ما نشاهده اليوم في عالمنا العربي والاسلامي الكثير ممن لا ينتمون الى حزب او جماعة ، ولكنهم اصحاب مواقف سياسية واضحة لالبس فيها ويؤثرون بشكل وبأخر في تأييد كفة على كفة اخرى في البلدان التي تشهد انتخابات ، وقد تتباين هذه المجموع في مرجعيتها ونظرتها للأمور، لكنها في نهاية المطاف انها تلتقي في موقف ، بانها تريد العدل، والانصاف ،والحرية ،والامن ، والعيش الرغيد، وكل هذه الاماني لا تتحقق اليوم الا في ظل نظام قائم على فكرة الديمقراطية، هؤلاء هم الديمقراطيون الحقيقيون، وهم الامل الكبير في تحقيق نظام ديمقراطي حقيقي.من هنا نفهم بأن الديمقراطية، لا تنحصر بعدد الانتخابات التي تحصل في البلاد، لان صناديق الاقتراع هي احد تجليات الديمقراطية وليس هي فقط المعبرة عنها ، وليس بعدد المرشحين لها وبعدد الحكومات التي تنتجها، لان الكثير من الاشخاص يتسلقون للسلطة عبر صناديق الاقتراع وهم لا يحصلوا الا على اصوات اولادهم وزوجاتهم ومن المقربين لهم، ولا يفهمون دورهم بأنهم ممثلون لكل الشعب وليس لطائفة او قومية او منطقة، منحازون للحزب الذي ينتمون له اكثر من انحيازهم للشعب. وان الديمقراطية ليست هبة او منه من الحاكم، وانما تنتزع بتكاتف جميع فئات الشعب.والديمقراطية هي ليست ثوب نلبسه اليوم ونخلعه غدا، وليست وسيلة نستخدمها للإقصاء والاجتثاث والتسلط، كما انها ليست فوضى واقتتال، والديمقراطية ليست بعدد الصحف التي تصدر في البلاد والتي هي لسان حال الاحزاب والكيانات التي تصدرها.تزوير صناديقالديمقراطية ليس بتزوير صناديق الاقتراع وتزوير لإرادة الناخب، كما انها ليست بالمفخخات، ولا بالكواتم ولا بعدد الشهداء والجرحى من جراء الاعمال الاجرامية الارهــابية، والديمقراطية ليست بطريقة حرق وتفجير الجوامع والمساجد والحسينيات والكنائس ، ولا بطريقة المناطق والمدن والمزارع التي تحرق وتغرق وبالهاونات التي تطلق.الديمقراطية ليست بتكميم الافواه ، وقمع الحريات، ولا اللجوء الى مستويات غير معهودة من استخدام القوة والعنف ضد المواطنين، والحديث عن المخططات الخارجية ،والايادي الخفية، والخونة والعملاء ،ضد كل من يتظاهر ويعارض سياسة الحكومة ونهب ثروات البلاد والعباد، الديمقراطية ليست بمساكن الفقراء بين المقابر وتحت الجسور وفي العشوائيات.الديمقراطية ليس بأمراض تجتاح المدن من جراء حرق نفايات الطمر الصحي ولا بانتشار جائحة كورونا والامراض المسرطنة والاوبئة والمخدرات، والديمقراطية ليس بتزايد عدد المتسولين، ولا بعدد العاطلين وبعدد الاميين. والديمقراطية ان لا يدرس ابنائنا في مدارس من الطين.الديمقراطية لا تعني التمسك بكرسي السلطة اذا اراد الشعب تغييره. كما ان الديمقراطية ليست بحل حكومة وتشكيل اخرى كل شهر.و لا ديمقراطية إلا بالديمقراطيين، الذين يؤمنون بالديمقراطية ويدعون لها بقوة ووعي ولايقف اهتمامهم الديمقراطي عند مسألة صناديق الاقتراع والعملية الانتخابية فقط . بل التداول وفق ثوابت لايمكن تجاوزها او جهلها والمتمثلة بالحريات العامة والخاصة وصولا الى حقوق المواطن الكاملة بعيدا عن أي تمييز للدين او العرق او المذهب ومن يتقدم للسلطة يتقدم لها وفق المبادئ الثابتة التي لايمكن ان تتغير وفـق قاعدة الاكثرية العددية.نظام اجتماعي الديمقراطية نظام اجتماعي يؤكد قيمة الفرد وكرامته الشخصية الإنسانية، ويكون الشعب فيها مصدر السلطة وتقر الحقوق لجميع المواطنين على اساس من الحرية والمساواة من دون تمييز بين الناس بسبب الاصل، والجنس، الدين او اللغة. في الديمقراطية تبقى العلاقة قائمة بين جمهور الناخبين وبين الشخص الذي انتخبوه، ويستطيع الناخبون ازالة النائب واجراء انتخاب اخر للنيابة عنهم، وهذا النوع مطبق في دول اوربية. لا ان يبقى النائب او الوزير (محصن) بالحصانة وهو قاتل او سارق او مرتشي وناخبيه يرمونه بالمخلفات عند محاولته عرض نفسه على ناخبيه.ومن هنا فأن الديمقراطية هي ثقافة ووعي وممارسة، والتأسيس لنظام ديمقراطي حقيقي يقود البلاد الى بر الامان.