إنّهم ملايين.. حتى وإنْ لم يخرجوا
د. فاتح عبدالسلام
يعود السؤال للواجهة مع استئناف نزيف الدم الزكي الذي ما انقطع يوماً في البلاد، لماذا يتم إطلاق الرصاص أو قنابل الغاز بشكل مباشر على رؤوس المتظاهرين السلميين في العراق؟ القوات الأمنية تقول انّها ملتزمة بالتعليمات في عدم استهداف المتظاهرين، وانّما حمايتهم. والسياسيون المتصدرون المغلّفون بالشعارات التي تستدر العواطف ولا من مجيب كما حدث ذات غفلة، جالسون على تل التصريحات المضطرب لا غير، في معاقلهم داخل المنطقة الخضراء أو في مقارهم المحمية. وهناك على طول المدى هذا هو الشعب الغاضب يدرك انَّ هناك رصاصاً رسميا او غير رسمي في انتظاره كلما صرخ من ألم سوء الأوضاع، لكنه لن يتخلى عن مطالب مشروعة هي أساس قيام الحكومات التي تتوالى على البلاد وكلّما دخلت واحدة منها لعنت أختها على ما اقترفت يداها. المشهد السياسي في مأزق حقيقي، والمتثائبون تحت التبريد، فاتهم القطار، وربّما باتت فرصهم في إيجاد سكة جديدة بات محدودة أو معدومة، فقد منح هذا الشعب الغني بكرامته وقوة ارادته وطول صبره ونفاذ بصيرته الفرص تلو الفرص لأولئك الذين رقصوا على الجراح بألاعيبهم السياسية التي لا تزال مستمرة ولم تنقطع يوماً، برغم كل الذي حدث منذ اندلاع انتفاضة العراقيين المقدسة في تشرين. تحت أي مبرر، يحرم على ماسك السلطة إطلاق الرصاص على أي مواطن غاضب ويشعر انّ الحق الكامن في صرخته يمنحه شرعية الوجود بالشارع وليس كما يدعي أولئك الذين نتج وجودهم عن تلاقح المصالح عبر الانتخابات المزورة التي جرت في العراق ويندر أن ينجو من عار تزييفها حزب أو شخص. عليكم ان تتحملوا هتافات المعوزين والمظلومين والفقراء والثكالى والمحطمين، أولئك هم كل العراقيين الذين لولاهم لما جلس سياسي على مقعد في الصدارة. لا تُشيطنوا المتظاهرين أصحاب الحق، لا تُشيطنوا العراقيين من أجل تبرير الرصاص المنفلت. وتذكروا انهم ملايين وليس أفراداً منبوذين، حتى وإن لم يخرجوا. جميعهم الى الشوارع.