شهاداتهم حبيسة الجدران … حملة الشهادات العليا يزاحمون اصحاب المهن البسيطة
كل العراقيين لم ينسوا، احمد ضياء هادي، حامل شهادة الدكتوراه (فنون جميلة)، ورمت به شهادته ببيع الدجاج في احد اسواق محافظة بابل، لينافس اصحاب هذه المهن البسيطة مرغما، لعدم منح الدولة له درجة وظيفية تليق بشهادته الكبيرة التي حصل عليها بعد جهد وتعب مضني.
هذه الصورة التي جسدها هادي، هي واحدة من آلاف الصور التي يجسدها زملائه من حملة الشهادات العليا، الذين وجدوا انفسهم في الشوارع وهم يصارعون الحياة من اجل لقمة العيش، فيما بقت شهاداتهم العليا حبيسة جدران منازلهم البسيطة، وهي تذكرهم بايام مرهقة وبطموح كاذب بان يستخدموا شهاداتهم لخدمة البلد في شتى مجالات اختصاصاتهم.
نعم .. هو هذا حال العراق اليوم، الذي تقصى فيه العقول النيرة والكفاءات العلمية خارجا، بدون ادنى اعتبار لحقوقهم المشروعة، بوسط مؤشرات واحصائيات تؤكد باستخدام ملف التعيينات بموضوعة الفساد.
واصدرت هيئة النزاهة في بداية السنة الحالية تقريرا، اكدت فيه وجود خروقات في ملف التعيينات، بـ “تلقيها (361) إخباراً يتعلَّق بالتعيينات في مُختلف وزارات الدولة ومؤسَّساتها والجهات غير المُرتبطة بوزارةٍ ومجالس المحافظات والإدارات المحليَّة، توزَّعت بين (289) إخباراً تعلَّق بمُخالفاتٍ في إجراءات التعيين، و(72) إخباراً خاصاً بمزاعم تلقّي رشى لقاء التعيين، بينما بلغت القضايا الجزائيَّة المُتعلقة بمخالفاتٍ وأخذ رشى في ملفّ التعيينات (512) قضيَّةً جزائيَّةً، (62) منها ما زال قيد التحقيق، فيما أُحِيْلَتْ (210) من القضايا إلى الجهات المُختصَّة، وتمَّ توحيد (51) قضيَّةً، وأغلقت (197) منها بأمر القضاء”.
واضافت الهيأة مُستعرضةً أبرز القضايا وبعض عمليَّات الضبط في هذا الملف وما تمخَّض عن إجراءاتها التحقيقيَّة “بعد تأليفها فريق عملٍ ميدانيّاً سانداً لأعمال لجنة التحقيق النيابيَّة المركزيَّة لمراجعة وتدقيق عقود وزارة الكهرباء مُؤلفاً من مُحقِّقين ومُدقِّقين من خيرة كفاءاتها في بغداد والمحافظات، إذ أصدر القضاء بناءً على تحقيقاتها أمر استقدامٍ بحقِّ وزير الكهرباء السابق والمدير العامِّ للدائرة الإداريَّة في الوزارة، ومنعهما من السفر؛ لوجود شبهة مُخالفاتٍ في تعاقد الوزارة مع (82,555) أجيراً يومياً دون الحاجة إلى اختصاصاتهم، الأمر الذي كلَّف ميزانيَّة الوزارة مبلغ (43) مليار دينارٍ شهرياً، كما أصدر القضاء بناءً على تحقيقاتها أوامر استقدامٍ بحق مسؤولين في واسط منهم محافظ ومدير عام ومعاون مدير عام؛ على خلفيَّة المخالفات المرتكبة في تعيينات تربية المحافظة عام 2018، وأوامر باستقدام (6) أعضاء في مجلس محافظة كـركـوك على خلفيَّة ورود شكـاوى تـتعلَّق بالـتعيـينات فـي المـجـلـس، فيما ضبطت في نينوى مُتَّهماً انتحل صفة مسؤول في هيأة النزاهة للتوسُّط لأغراض التعيين، ونفَّذت عمليَّة ضبطٍ لأوليات خاصة بتعيين (1000) شخصٍ كمُوظفين بصفة أجورٍ يوميَّةٍ في مديريَّة ماء نينوى، يُشتَبَهُ بتعيينهم من قبل بعض المسؤولين في المحافظة، وضبطت أوليات تعيين (3000) أجيرٍ يوميٍّ بزراعة بابل خلافاً للقانون، فضلاً عن ضبط رئيس لجنة تحويل الأُجراء اليوميِّين إلى عقودٍ في دائرة صحَّة الديوانية؛ لقيامه بالتلاعب بأسماء الأجراء اليوميِّين، وغير ذلك الكثير من عمليَّات الضبط والقضايا التي حقَّقت فيها”.
وبعد ان ذاق حملة الشهادات العليا ذرعا، بدأوا بتنظيم اعتصامات وتظاهرات منذ عام 2019 ولحد الان، وبالتحديد في زمن حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، لكن دون جدوى.
وتعرضت هذه الشريحة في حينها الى الضرب والاهانة، بشكل لا ينسجم مع مكانتهم العلمية والاجتماعية، مما لاقى هذا الاسلوب استنكارا شديدا من قبل شرائح كبيرة من المجتمع العراقي.
بدورهم امهل حملة الشهادات العليا في العراق، مجلس الخدمة العامة الإتحادي مدة أسبوع لغرض إطلاق الإستمارة الإلكترونية للتوظيف.
وقالت ممثلة حملة الشهادات العليا رواء حمد الجاف، في حديث تابعته (الاولى نيوز)،ان “حملة الشهادات العليا نفذ صبرهم، وهم يروا ان الدرجات الوظيفية تكفي لهم، وخاصة في ظل المماطلة بالتعادي الحكومة مع هذا الملف”.
واضافت، ان “الذي يطالب بحقوقه، لا يجوز اتهامه بانه ضد الحكومة، بل ان تجمعنا هو داعم للحكومة، وان الدستور كفل لنا حق المطالبة، ونحن بحماية الدستور”.
واوضحت، ان “فقرة اضيفت بالموازنة كانت بجهود المعتصمين، ونحن نريد انتزاع حقوقهم باطلاق الاستمارة الالكترونية وتعيين جميع حملة الشهادات العليا، مشيرة الى ان “بعض الموظفين بالمجلس لم يقصروا معنا، اذ ان كتب التعيين موجودة في الوزارات لكنها غير مفعلة، مشيرة الى ان حملة الشهادات العليا والاوائل مشمولون بالدرجات الوظيفية”.
واضافت، ان “مجلس الخدمة حولنا الى وزارة المالية، الا ان الوزارة اخبرتنا ان هناك فقرة بالموازنة تشمل جميع حملة الشهادات العليا، لكننا نخشى من جر هذه الدرجات الوظيفية الى الانتخابات”.
واكدت ان “حملة الشهادات العليا سيستأنفون الاعتصام امام وزارة التعليم العالي ، وسوف ينزلون باعداد كبيرة”.
من جهتها طالبت حاملة شهادة الماجستير ندى الكناني، بتفعيل القانون 59 بتعيين حملة الشهادات العليا.
وقالت الكناني ، ان “موضوع التعيينات في البلاد يشوبه الفساد، وهذا واضح وقد صرح بهذا عدد من أعضاء الكتل السياسية، فلا يعقل ان يتم تعيين حملة الشهادات الابتدائية ويترك جيش جرار من حملة الشهادات العليا في الشارع”.
وأضافت، ان “حملة الشهادات العليا لن يسكتوا ، حتى انتزاع حقهم، وسيبقون يطالبون به وفق الأسس الديمقراطية والسلمية”.
وضمنت جريدة الوقائع العراقية، القانون 59 لسنة 2017، والصادر بقرار مجلس الوزراء رقم (447) لسنة 2019 ، بتضمين صدور تعليمات رقم (3) لسنة 2019 تسهيل تنفيذ تشغيل حملة الشهادات العليا .