متى تكتسب الهوية الوطنية القدسية؟
نزار محمود
تتنوع هويات البشر من شخصية الى جمعية، ومن قومية أو عرقية أو اثنية أو قبائلية أو عشائرية أو أسرية ودينية ومذهبية وسياسية وثقافية الى جغرافية ومناطقية، وحتى مهنية وجنسية وعمرية وغيرها.ان هذا الكم الكبير من الهويات قد تجده في إطار هوية وطنية، وهي هوية يصعب دونها تحقيق وحدة مجموعة بشرية متنوعة. ولكن متى تتمكن تلك الهوية من جمع هويات مكوناتها البشرية المتنوعة دونما طمس لها في خصوصياتها الايجابية ودورها المثري للحياة البشرية؟اشتراطات الهوية الوطنية الجامعة:لا بد لتلك الهوية في فعل جمعها للهويات «الفرعية» من اشتراطات، منها:
١- انها هوية إنسانية تؤمن بالمساواة والعدالة، نظرياً وعملياً، بين أبناء شعبها.
٢- انها هوية تستجيب لتطلعات هوياتها الفرعية ولا تعمد الى قمعها أو طمسها، ناهيك عن الغائها.
٣- لا بد للهوية الوطنية من انعكاسات مادية واعتبارية في حياة المنتمين لها.
٤- لا بد لتلك الهوية ان يكون لها اليد العليا دستورياً وتنفيذياً تجاه الهويات الفرعية.
٥- ان تمثل تلك الهوية وطناً ذي سيادة وكرامة.
ان هذه الهوية، وبهذه المواصفات ستحظى بصورة واضحة بقبول سياسي واحترام اجتماعي، يسعى ابناء الوطن الى الانتماء لها.من هنا ستكتسب الهوية الوطنية ثقلها الراجح على الهويات الفرعية التي لا تجد في كيانها والحفاظ عليها سوى في انتمائها للهوية الوطنية الأم التي تعيش في كنفها.وانطلاقاً من ذلك فان الهوية الوطنية الجامعة يجب ان يكون لها نوع من القدسية في رمزيتها وما تعنيه من رابط جامع لحلقات الهويات الفرعية التي لا ينبغي لها ان تتقدم تلك الهوية الوطنية الجامعة.ان ما يمر به العراق اليوم من طغيان عدد من الهويات الفرعية على الهوية العراقية الوطنية الجامعة تعبير عن هشاشة الصورة الوطنية للعراق واهتزاز سيادته وهيبة دولته وحكومته، حيث تتمكن اطراف فيه بالخروج على « دولته» وعدم الامتثال لقوانينها وسياساتها.